للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) " الْأَرائِكِ" جَمْعُ أَرِيكَةٍ، وَهِيَ السُّرَرُ فِي الْحِجَالِ «١». وَقِيلَ الْفُرُشُ فِي الْحِجَالِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْأَسِرَّةُ مِنْ ذَهَبٍ، وَهِيَ مُكَلَّلَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ عَلَيْهَا الْحِجَالُ، الْأَرِيكَةُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى أَيْلَةَ وَمَا بَيْنَ عَدَنٍ إِلَى الْجَابِيَةِ. واصل متكئين موتكئين، وكذلك اتكأ أصله أو تكأ، وَأَصْلُ التُّكَأَةِ وُكَأَةٌ، وَمِنْهُ التَّوَكُّؤُ لِلتَّحَامُلِ عَلَى الشَّيْءِ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً وَأُدْغِمَتْ. وَرَجُلٌ وُكَأَةٌ كَثِيرُ الِاتِّكَاءِ. (نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) يَعْنِي الْجَنَّاتِ، عَكْسُ" وَساءَتْ مُرْتَفَقاً". وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَلَوْ كَانَ" نِعْمَتْ" لَجَازَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَنَّةِ. وَعَلَى هذا" وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً". وروى البراء ابن عَازِبٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ" الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا أَنْتَ مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ وَلَا هُمْ بِبَعِيدٍ مِنْكَ هُمْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فَأَعْلِمْ قَوْمَكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ" ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَسْنَدَهُ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الضَّرِيسِ عَنْ زُهَيْرِ بن معاوية عن أبن إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ ... ، فَذَكَرَهُ. وَأَسْنَدَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الْأَعْلَامِ. وقد روينا جميع ذلك بالإجارة، والحمد لله.

[سورة الكهف (١٨): الآيات ٣٢ الى ٣٤]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤)


(١). الحجال، جمع الحجلة (بفتحتين) كالقبة، وموضع يزين بالثياب والستور والأسرة للعروس.