إِذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ فَوَدِّعِي ... بِلَادَ تَمِيمٍ وَانْصُرِي أَرْضَ عَامِرِ
وَيُرْوَى:
إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ فَجَاوِزِي ... بِلَادَ تَمِيمٍ وَانْصُرِي أَرْضَ عَامِرِ
يُقَالُ: نَصَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ يَنْصُرهُ نَصْرًا، أَيْ أَعَانَهُ. وَالِاسْمُ النُّصْرَةُ، وَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ: أَيْ سَأَلَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِ. وَتَنَاصَرُوا: نَصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَذَا النَّصْرِ نَصْرُ الرَّسُولِ عَلَى قُرَيْشٍ، الطَّبَرِيُّ. وَقِيلَ: نَصَرَهُ عَلَى مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّ عَاقِبَةَ النَّصْرِ كَانَتْ لَهُ. وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهُوَ فَتْحُ مَكَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ. وَقِيلَ: فَتْحُ سَائِرِ الْبِلَادِ. وَقِيلَ: مَا فَتَحَهُ عليه من العلوم. وإِذا بِمَعْنَى قَدْ، أَيْ قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، لِأَنَّ نُزُولَهَا بَعْدَ الْفَتْحِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ معناه: إذا يجيئك.
[[سورة النصر (١١٠): آية ٢]]
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَأَيْتَ النَّاسَ أَيِ الْعَرَبَ وَغَيْرَهُمْ. يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً أَيْ جَمَاعَاتٍ: فَوْجًا بَعْدِ فَوْجٍ. وَذَلِكَ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَالَتِ الْعَرَبُ: أَمَّا إِذَا ظَفِرَ مُحَمَّدٌ بِأَهْلِ الْحَرَمِ، وَقَدْ كَانَ اللَّهُ أَجَارَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفِيل، فَلَيْسَ لَكُمْ بِهِ يَدَانِ «١». فَكَانُوا يُسْلِمُونَ أَفْوَاجًا: أُمَّةً أُمَّةً. قَالَ الضَّحَّاكُ: وَالْأُمَّةُ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ: أَرَادَ بِالنَّاسِ أَهْلَ الْيَمَنِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ مِنَ الْيَمَنِ سَبْعُمِائَةِ إِنْسَانٍ مُؤْمِنِينَ طَائِعِينَ، بَعْضُهُمْ يُؤَذِّنُونَ، وَبَعْضُهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَبَعْضُهُمْ يُهَلِّلُونَ، فَسُرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لك، وَبَكَى عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَرَوَى عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ رَقِيقَةٌ أَفْئِدَتُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، سَخِيَّةٌ قُلُوبُهُمْ، عَظِيمَةٌ خَشْيَتُهُمْ، فَدَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا". وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ [. وروى أنه
(١). أي طاقة. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute