قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ فَأَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ أَبْيَنُ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. (وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً) تَقَدَّمَ فِي" سُبْحَانَ" «١» وَالْقَائِلُ عَبْدُ الله بن الزبعرى فيما ذكره الماوردي.
[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ٩ الى ١٠]
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أَيْ ضَرَبُوا لَكَ هَذِهِ الْأَمْثَالَ لِيَتَوَصَّلُوا إِلَى تَكْذِيبِكَ. (فَضَلُّوا) عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ وَعَنْ بُلُوغِ مَا أَرَادُوا. (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) إِلَى تَصْحِيحِ مَا قَالُوهُ فِيكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ) شَرْطٌ وَمُجَازَاةٌ، وَلَمْ يُدْغَمْ" جَعَلَ لَكَ" لِأَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَانِ، وَيَجُوزُ الْإِدْغَامُ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ. (وَيَجْعَلْ لَكَ) في موضوع جَزْمٍ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ" جَعَلَ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ مَقْطُوعًا مِنَ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ قَرَأَ أَهْلُ الشَّامِ. وَيُرْوَى عَنْ عَاصِمٍ أَيْضًا:" وَيَجْعَلُ لَكَ" بِالرَّفْعِ، أَيْ وَسَيَجْعَلُ لَكَ فِي الْآخِرَةِ قُصُورًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَرَى الْبَيْتَ مِنْ حِجَارَةٍ قَصْرًا كَائِنًا مَا كَانَ. وَالْقَصْرُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ، وَسُمِّيَ الْقَصْرُ قَصْرًا لِأَنَّ مَنْ فِيهِ مَقْصُورٌ عَنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: الْعَرَبُ تُسَمِّي بُيُوتَ الطِّينِ الْقَصْرَ. وَمَا يُتَّخَذُ مِنَ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ الْبَيْتَ. حَكَاهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ شِئْتَ أَنْ نُعْطِيَكَ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَمَفَاتِيحَهَا وَلَمْ يُعْطَ ذَلِكَ مَنْ قَبْلَكَ وَلَا يُعْطَاهُ أَحَدٌ بَعْدَكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَاقِصِكَ فِي الْآخِرَةِ شَيْئًا، وَإِنْ شِئْتَ جَمَعْنَا لَكَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَقَالَ:" يُجْمَعُ ذَلِكَ لِي فِي الْآخِرَةِ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً"
(١). راجع ج ١٠ ص ٢٧٢ طبعه أولى أو ثانية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute