للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَإِنْ عَزَّرَهُ الْحَاكِمُ كَانَ حَسَنًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَتْلَ الْبَهِيمَةِ لِئَلَّا تُلْقِي خَلْقًا مُشَوَّهًا، فَيَكُونُ قَتْلُهَا مَصْلَحَةً لِهَذَا الْمَعْنَى مَعَ مَا جَاءَ مِنَ السُّنَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الَّذِي زَنَى بِالْبَهِيمَةِ حَدٌّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ. وَقَالَ الْحَكَمُ: أَرَى أَنْ يُجْلَدَ وَلَا يُبْلَغَ بِهِ الْحَدُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُجْلَدُ مِائَةً أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يُعَزَّرُ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ «١» عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا أَشْبَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْبَهِيمَةُ لَهُ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) " مِنْ" لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، أَيْ لَمْ يَكُنِ اللِّوَاطُ فِي أُمَّةٍ قَبْلَ «٢» قَوْمِ لُوطٍ. وَالْمُلْحِدُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَهُمْ. وَالصِّدْقُ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ. وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ أَصْلَ عَمَلِهِمْ بِأَنْ دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَكَانَ يَنْكِحُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِالْغُرَبَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ). وَقَالَ مُحَمَّدُ بن سيرين: ليس شي مِنَ الدَّوَابِّ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ إِلَّا الخنزير والحمار.

[[سورة الأعراف (٧): آية ٨١]]

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّكُمْ) قَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ عَلَى الْخَبَرِ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ مَكْسُورَةٍ، تَفْسِيرًا لِلْفَاحِشَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَمْ يَحْسُنْ إِدْخَالُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ مَا بَعْدَهُ مِمَّا قَبْلَهُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى لَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ وَحَسُنَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا قبله وبعده «٣» كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ. وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالنَّسَائِيُّ وغيرهما، واحتجوا بقوله عز وجل:


(١). في ب وج وز وك: الروايات.
(٢). في ج: غير.
(٣). كذا في الأصول والعبارة غير واضحة. [ ..... ]