اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: (يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا بَرْدًا يَرْفَعُ حَرَّهَا، وَحَرًّا يَرْفَعُ بَرْدَهَا، فَصَارَتْ سَلَامًا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ" بَرْداً وَسَلاماً" لَكَانَ بَرْدُهَا أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ حَرِّهَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ" عَلى إِبْراهِيمَ" لَكَانَ بَرْدُهَا بَاقِيًا عَلَى الْأَبَدِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ زِرْبِيَّةً «١» مِنَ الْجَنَّةِ فَبَسَطَهَا فِي الْجَحِيمِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ مَلَائِكَةً: جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَلَكَ البرد وملك السلامة. وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ لَمْ يُتْبِعْ بَرْدَهَا سَلَامًا لَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بَرْدِهَا، وَلَمْ تَبْقَ يَوْمَئِذٍ نَارٌ إِلَّا طُفِئَتْ ظَنَّتْ أَنَّهَا تُعْنَى. قَالَ السُّدِّيُّ: وَأَمَرَ اللَّهُ كُلَّ عُودٍ مِنْ شَجَرَةٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى شَجَرِهِ وَيَطْرَحَ ثَمَرَتَهُ. وَقَالَ كَعْبٌ وَقَتَادَةُ: لَمْ تُحْرِقِ النَّارُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا وِثَاقَهُ. فَأَقَامَ فِي النَّارِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَقْرَبَ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ جَاءُوا فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. وَقَالَ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ إِبْرَاهِيمُ:" مَا كُنْتُ أَيَّامًا قَطُّ أَنْعَمَ مِنِّي فِي الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتُ فِيهَا فِي النَّارِ". وَقَالَ كَعْبٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: وَلَمْ تَبْقَ يَوْمَئِذٍ دَابَّةٌ إِلَّا أَطْفَأَتْ عَنْهُ النَّارَ إِلَّا الْوَزَغُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا وَسَمَّاهَا فُوَيْسِقَةٌ. وَقَالَ شُعَيْبٌ الْحِمَّانِيُّ: أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً. ذَكَرَ الْأَوَّلَ الثَّعْلَبِيُّ، وَالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: بَرَدَتْ نِيرَانُ الأرض جميعا فما أنضجت كراعا، فرآه نمروذ من الصرح وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى السَّرِيرِ يُؤْنِسُهُ مَلَكُ الظِّلِّ. فَقَالَ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ! لَأُقَرِّبَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ آلاف بقرة وكف عنه.
[سورة الأنبياء (٢١): الآيات ٧٠ الى ٧٣]
وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣)
(١). الزربية: الطنفسة وقيل: البساط ذو الخمل وزايها مثلثة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute