للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الصافات (٣٧): الآيات ٧٥ الى ٨٢]

وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩)

إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ" مِنَ النِّدَاءِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِغَاثَةُ، وَدَعَا قِيلَ بِمَسْأَلَةِ هَلَاكِ قَوْمِهِ فَقَالَ:" رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً" [نوح: ٢٦]." فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ" قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَيْ" فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ لَهُ كُنَّا." وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ" يَعْنِي أَهْلَ دِينِهِ، وَهُمْ مَنْ آمَنَ مَعَهُ وَكَانُوا ثَمَانِينَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ «١»." مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ" وَهُوَ الْغَرَقُ." وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ مَاتَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَلَدَهُ وَنِسَاءَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ وَلَدُ نُوحٍ ثَلَاثَةً وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ وَلَدِ نُوحٍ: فَسَامُ أَبُو الْعَرَبِ وَفَارِسَ وَالرُّومِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَحَامُ أَبُو السُّودَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ: السِّنْدِ وَالْهِنْدِ وَالنُّوبِ وَالزَّنْجِ وَالْحَبَشَةِ وَالْقِبْطِ وَالْبَرْبَرِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَافِثُ أبو الصقالبة والترك و" اللان

وَالْخَزَرِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَا هُنَالِكَ. وَقَالَ قَوْمٌ: كَانَ لِغَيْرِ وَلَدِ نُوحٍ أَيْضًا نَسْلٌ، بِدَلِيلِ قوله:" ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ" [الإسراء: ٣]. وقوله:" قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ" [هود: ٤٨] فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ:" وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ" دُونَ ذُرِّيَّةِ مَنْ كَفَرَ أَنَّا أَغْرَقْنَا أولئك.


(١). راجع ج ٩ ص ٣٥ طبعه أولى أو ثانية.
(٢). في الأصول:" والأبر" ولعله تحريف إذا لا تعرف أمة من ولد يافث بهذا الاسم والذي ذكره المسعودي وغيره واللان من ولد يافث.