للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَرْدُودٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَالشَّيْطَانُ وَكُلُّهُ رَأْسٌ فِي الضَّلَالِ، وَقَدْ يَكُونُ وَاحِدًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ «١» ". وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ" وَالْجَمْعُ الطَّوَاغِيتُ." وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ" عَطْفٌ. (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) جَوَابُ الشَّرْطِ، وَجَمْعُ الْوُثْقَى الْوُثْقُ مِثْلَ الْفُضْلَى وَالْفُضْلُ، فَالْوُثْقَى فُعْلَى مِنَ الْوَثَاقَةِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَشْبِيهٌ. وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الشَّيْءِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعُرْوَةُ الْإِيمَانُ. وَقَالَ السدى: الإسلام. وقال ابن عباس وسعيد ابن جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهَذِهِ عِبَارَاتٌ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ. ثُمَّ قَالَ: (لَا انْفِصامَ لَها) قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، أَيْ لَا يُزِيلُ عَنْهُمُ اسْمَ الْإِيمَانِ «٢» حَتَّى يَكْفُرُوا. وَالِانْفِصَامُ: الِانْكِسَارُ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ. وَالْقَصْمُ: كَسْرُ بِبَيْنُونَةٍ، وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ" فَيَفْصِمُ عَنْهُ الْوَحْيُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا" أَيْ يُقْلِعُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فَصْمُ الشَّيْءِ كَسْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِينَ، تَقُولُ: فَصَمْتُهُ فَانْفَصَمَ، قَالَ اللَّهُ تعالى: لَا انْفِصامَ لَها" وتفصم مثله، قال ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ غَزَالًا يُشَبِّهُهُ بِدُمْلُجِ فِضَّةٍ:

كَأَنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّةٍ نَبَهٌ «٣» ... فِي مَلْعَبٍ مِنْ جَوَارِي الْحَيِّ مَفْصُومُ

وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مَفْصُومًا لِتَثَنِّيهِ وَانْحِنَائِهِ إِذَا نَامَ. وَلَمْ يَقُلْ" مَقْصُومٌ" بِالْقَافِ فَيَكُونُ بَائِنًا بِاثْنَيْنِ. وَأَفْصُمُ الْمَطَرَ: أَقْلَعُ. وَأَفْصَمَتْ عَنْهُ الْحُمَّى. وَلَمَّا كَانَ الْكُفْرُ بِالطَّاغُوتِ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ مِمَّا يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ وَيَعْتَقِدُهُ الْقَلْبُ حَسُنَ فِي الصِّفَاتِ (سَمِيعٌ) مِنْ أَجْلِ النطق (عَلِيمٌ) من أجل المعتقد.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٥٧]]

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥٧)


(١). راجع ج ٥ ص ٢٦٣ و٢٨٠.
(٢). في ج: الإسلام.
(٣). النبه (بفتح النون والباء) كل شي سقط من إنسان فنسيه ولم يهتد إليه. شبه الغزال وهو نائم بدملج فضة قد طرح ونسى. وفى الديوان: عذارى.