قُلْتُ: وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُهُ وَالْقَوْلُ فِيهِ فِي (سُبْحَانِ) «١» عِنْدَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). قوله تعالى: أَيِ انْفَرَدَ بِذَلِكَ. وَالْمُلْكُ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَلْكِ وَنُفُوذِ الْأَمْرِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ. وَقِيلَ: أَرَادَ خَزَائِنَ الْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَسَائِرِ الرِّزْقِ. (يُحْيِي وَيُمِيتُ) يُمِيتُ الْأَحْيَاءَ فِي الدُّنْيَا وَيُحْيِي الْأَمْوَاتَ لِلْبَعْثِ. وَقِيلَ: يُحْيِي النُّطَفَ وَهِيَ مَوَاتٌ وَيُمِيتُ الْأَحْيَاءَ. وَمَوْضِعُ (يُحْيِي وَيُمِيتُ) رُفِعٌ عَلَى مَعْنَى وَهُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا بِمَعْنَى (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مُحْيِيًا وَمُمِيتًا عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي (لَهُ) وَالْجَارُّ عَامِلًا فِيهَا. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي الله لا يعجزه شي. قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) اخْتُلِفَ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي الْكِتَابِ الْأَسْنَى. وَقَدْ شَرَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْحًا يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ، فَقَالَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فليس قبلك شي وأنت الآخر فليس بعدك شي وأنت الظاهر فليس فوقك شي وأنت الباطن فليس دونك شي اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ) عَنَى بِالظَّاهِرِ الْغَالِبَ، وَبِالْبَاطِنِ الْعَالِمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بِمَا كَانَ أَوْ يَكُونُ فلا يخفى عليه شي.
[سورة الحديد (٥٧): الآيات ٤ الى ٦]
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦)
(١). راجع ج ١٠ ص ٢٦٦ فما بعد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute