الْمَعْنَى لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ مَتَى أَمُوتُ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَأَجَبْتُ عَنْ كُلِّ مَا أُسْأَلُ عَنْهُ. وَكُلُّهُ مُرَادٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) هَذَا اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ، أَيْ لَيْسَ بِي جُنُونٌ، لِأَنَّهُمْ نَسَبُوهُ إِلَى الْجُنُونِ. وَقِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ، وَالْمَعْنَى لَوْ عَلِمْتُ الْغَيْبَ لَمَا مَسَّنِي سُوءٌ وَلَحَذِرْتُ،" وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ «١» ".
[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٨٩ الى ١٩٠]
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلِهِ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ آدَمُ. (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) يَعْنِي حَوَّاءَ. (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) لِيَأْنَسَ بِهَا وَيَطْمَئِنَّ، وكان هذا كله في الجنة. ثُمَّ ابْتَدَأَ بِحَالَةٍ أُخْرَى هِيَ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ هُبُوطِهِمَا فَقَالَ: (فَلَمَّا تَغَشَّاها) كِنَايَةً عَنِ الْوِقَاعِ. (حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً) كُلُّ مَا كَانَ فِي بَطْنٍ أَوْ عَلَى رَأْسِ شَجَرَةٍ فَهُوَ حَمْلٌ بِالْفَتْحِ. وَإِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ عَلَى رَأْسٍ فَهُوَ حِمْلٌ بِالْكَسْرِ. وَقَدْ حَكَى يَعْقُوبُ فِي حَمْلِ النَّخْلَةِ الْكَسْرَ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ: يُقَالُ فِي حَمْلِ الْمَرْأَةِ حَمْلٌ وجمل، يُشَبَّهُ مَرَّةً لِاسْتِبْطَانِهِ بِحَمْلِ الْمَرْأَةِ، وَمَرَّةً لِبُرُوزِهِ وَظُهُورِهِ بِحِمْلِ الدَّابَّةِ. وَالْحَمْلُ أَيْضًا مَصْدَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ يَحْمِلُ حَمْلًا إِذَا صَالَ. (فَمَرَّتْ بِهِ) يَعْنِي الْمَنِيَّ، أَيِ اسْتَمَرَّتْ بِذَلِكَ الْحَمْلِ الْخَفِيفِ. يَقُولُ: تَقُومُ وَتَقْعُدُ وَتَقَلَّبُ، وَلَا تَكْتَرِثُ بِحَمْلِهِ إِلَى أَنْ ثَقُلَ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. وقيل:
(١). من ج. وفى ب: إن أنا إلا نذير وبشير. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute