للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلحة والأعرج لا يلزم منه شي، وَلَا يُشْبِهُ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْآيَةِ شَيْئًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ وَجَوَابَهُ بِمَنْزِلَةِ شي وَاحِدٍ، وَمَعْنَى:" أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ" أَفَإِنْ مِتَّ خُلِّدُوا. وَنَظِيرُ هَذَا: أَزَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، وَلَا يقال: أزيد أمنطلق، لأنها بمنزلة شي وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْآيَةُ، لِأَنَّ الثَّانِي جُمْلَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا فَيَصْلُحُ فِيهَا الِاسْتِفْهَامُ، وَالْأَوَّلُ كَلَامٌ يَصْلُحُ فِيهِ الِاسْتِفْهَامِ، فَأَمَّا مَنْ حَذَفَ الِاسْتِفْهَامَ مِنَ الثَّانِي وَأَثْبَتَهُ فِي الْأَوَّلِ فَقَرَأَ:" أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا إِننَّا" فَحَذَفَهُ مِنَ الثَّانِي، لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَقَدْ وُعِدْنا هَذَا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) تقدم في سورة" المؤمنين" «١». وكانت الأنبياء يقربون أمر البعث مبالغة فِي التَّحْذِيرِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَرِيبٌ.

[سورة النمل (٢٧): الآيات ٦٩ الى ٧١]

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أَيْ" قُلْ" لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ" سِيرُوا" فِي بِلَادِ الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ. (فَانْظُرُوا) أَيْ بِقُلُوبِكُمْ وَبَصَائِرِكُمْ (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِمْ. (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى كُفَّارِ مَكَّةَ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ) في حرج (مِمَّا يَمْكُرُونَ) نزلت في المستهزئين الذين اقتسموا عقاب مكة وقد تقدم ذكرهم «٢». وقرى" فِي ضِيقٍ" بِالْكَسْرِ وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ" النحل" «٣». (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) أي يجيئنا العذاب بتكذيبنا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).


(١). راجع ج ١٢ ص ١٤٥ طبعه أولى أو ثانيه.
(٢). راجع ج ١٠ ٥٨ طبعه أولى أو ثانية.
(٣). راجع ج ١٠ ص ٢٠٣ طبعه أولى أو ثانية.