للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُقَالُ: نِدٌّ وَنَدِيدٌ وَنَدِيدَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، قَالَ لبيد:

ليكلا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتِي ... وَأَجْعَلَ أَقْوَامًا عُمُومًا عَمَاعِمَا «١»

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ" أَنْداداً" أَضْدَادًا. النَّحَّاسُ:" أَنْداداً" مَفْعُولٌ أَوَّلُ، وَ" لِلَّهِ" فِي مَوْضِعِ الثَّانِي. الْجَوْهَرِيُّ: وَالنَّدُّ (بِفَتْحِ النُّونِ): التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ. وَالنَّدُّ مِنَ الطِّيِبِ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وَنَدَّ الْبَعِيرُ يَنِدُّ نَدًّا وَنِدَادًا وَنُدُودًا: نَفَرَ وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ، وَمِنْهُ قَرَأَ بَعْضُهُمْ" يَوْمَ التَّنادِ «٢» ". وَنَدَّدَ بِهِ أَيْ شَهَّرَهُ وَسَمَّعَ بِهِ. السَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْخِطَابُ لِلْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَصَفَهُمْ بِالْعِلْمِ وَقَدْ نَعَتَهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنَ الْخَتْمِ وَالطَّبْعِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى. فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا" وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" يُرِيدُ الْعِلْمَ الْخَاصَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ وَأَنْزَلَ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ الرِّزْقَ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْمُنْعِمُ عَلَيْهِمْ دُونَ الْأَنْدَادِ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَحْدَانِيَّتَهُ بِالْقُوَّةِ وَالْإِمْكَانِ لَوْ تَدَبَّرْتُمْ وَنَظَرْتُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْأَمْرِ بِاسْتِعْمَالِ حُجَجِ الْعُقُولِ وَإِبْطَالِ التَّقْلِيدِ. وَقَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَتَنَاوَلَ الْآيَةُ الْمُؤْمِنِينَ، فَالْمَعْنَى لَا تَرْتَدُّوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَتَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا بَعْدَ عِلْمِكُمُ الَّذِي هُوَ نفي الجهل بأن الله واحد.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٣]]

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) أَيْ فِي شَكٍّ. (مِمَّا نَزَّلْنا) يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَالْمُرَادُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ تَحَدَّوْا، فَإِنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ قَالُوا: ما يشبه هذا كلام الله،


(١). السندري: ابن يزيد الكلابي، شاعر كان مع علقمة بن علاثة، وكان لبيد مع عامر بن الطفيل، فدعى لبيد إلى مهاجاته فأبى وقال البيت. والعماعم: الجماعات المتفرقون. ومعنى الشطر الثاني: وأجعل أقواما مجتمعين فرقا. (عن شرح القاموس واللسان).
(٢). راجع ج ١٥ ص ٣١١. [ ..... ]