قَالَ: لَا، مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا. فَقِيلَ: أَمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: لَا، لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا. قِيلَ لَهُ: فَمَا حَالُهُمْ؟ قَالَ: إخواننا بغوا علينا.
[[سورة الحجرات (٤٩): آية ١١]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ" فيه أربع مسائل: الاولى-:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ" قِيلَ عِنْدَ اللَّهِ. وَقِيلَ" خَيْراً مِنْهُمْ" أَيْ مُعْتَقَدًا وَأَسْلَمَ بَاطِنًا. وَالسُّخْرِيَةُ الِاسْتِهْزَاءُ. سَخِرْتُ مِنْهُ أَسْخَرُ سَخَرًا (بِالتَّحْرِيكِ) وَمَسْخَرًا وَسُخْرًا (بِالضَّمِّ). وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ سَخِرْتُ بِهِ، وَهُوَ أَرْدَأُ اللُّغَتَيْنِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: سَخِرْتُ مِنْهُ وَسَخِرْتُ بِهِ، وَضَحِكْتُ مِنْهُ وَضَحِكْتُ بِهِ، وَهَزِئْتُ مِنْهُ وَهَزِئْتُ بِهِ، كل يقال. والاسم السخرية والسخري، وقرى بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا" [الزخرف: ٣٢] وَقَدْ تَقَدَّمَ «١». وَفُلَانٌ سُخْرَةٌ، يُتَسَخَّرُ فِي الْعَمَلِ. يُقَالُ: خَادِمُ سُخْرَةٍ. وَرَجُلُ سُخْرَةٍ أَيْضًا يُسْخَرُ مِنْهُ. وَسُخَرَةٌ (بِفَتْحِ الْخَاءِ) يَسْخَرُ مِنَ النَّاسِ. الثَّانِيَةُ- وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَ فِي أُذُنِهِ وَقْرٌ، فَإِذَا سَبَقُوهُ إِلَى مَجْلِسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَعُوا لَهُ إِذَا أَتَى حَتَّى يَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهِ لِيَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ فَاتَتْهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ رَكْعَةٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ أَصْحَابُهُ مجالسهم منه،
(١). آية ٣٢ سورة الزخرف. راجع ص ٨٣ من هذا الجزء. وج ١٢ ص ١٥٤ وج ١٥ ص ٢٢٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute