للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) السُّوأَى فُعْلَى مِنَ السُّوءِ تَأْنِيثُ الْأَسْوَأِ وَهُوَ الْأَقْبَحُ، كَمَا أَنَّ الْحُسْنَى تَأْنِيثُ الْأَحْسَنِ. وَقِيلَ: يَعْنِي بِهَا هَاهُنَا النَّارَ، قَالَهُ ابْنُ عباس. ومعنى" أَساؤُا" أَشْرَكُوا، دَلَّ عَلَيْهِ" أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ"." السُّواى ": اسْمُ جَهَنَّمَ، كَمَا أَنَّ الْحُسْنَى اسْمُ الْجَنَّةِ. (أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ) أَيْ لِأَنْ كَذَّبُوا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. وَقِيلَ: بِأَنْ كَذَّبُوا. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو" ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ" بِالرَّفْعِ اسْمُ كَانَ، وَذُكِّرَتْ لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غير حقيقي. و" السُّواى " خَبَرُ كَانَ. وَالْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى خَبَرِ كَانَ." السُّواى " بِالرَّفْعِ اسْمُ كَانَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا التَّكْذِيبُ، فَيَكُونَ التَّقْدِيرُ: ثُمَّ كَانَ التَّكْذِيبُ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا وَيَكُونَ السُّوأَى مَصْدَرًا لِأَسَاءُوا، أو صفة لمحذوف، أي الخلة السوأى. وَرُوِيَ عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَرَأَ" ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءُ" بِرَفْعِ السُّوءِ. قَالَ النحاس: السوء أشد الشر، والسوءى الْفُعْلَى مِنْهُ. (أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ) قِيلَ بِمُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. مُقَاتِلٌ: بِالْعَذَابِ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ. الضَّحَّاكُ: بِمُعْجِزَاتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ).

[سورة الروم (٣٠): الآيات ١١ الى ١٣]

اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣)

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ" يُرْجَعُونَ" بِالْيَاءِ. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ. (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ" يُبْلَسُ" بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ: أَبْلَسَ الرَّجُلُ إِذَا سَكَتَ وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ، وَلَمْ يُؤْمَلْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ: تَحَيَّرَ، كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:

يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسًا ... قَالَ نعم أعرفه وأبلسا «١»


(١). المكرس: الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت فركب بعضه بعضا.