مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ" [البقرة: ١٤٣ وقيل: المراد بالشهداء الذي اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ ذَبَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُمُ الْحَفَظَةُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ" [ق: ٢١] فَالسَّائِقُ يَسُوقُهَا إِلَى الْحِسَابِ وَالشَّهِيدُ يَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْإِنْسَانِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي [ق «١»]." وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ" أَيْ بِالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ." وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ وَلَا يُزَادُ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ." وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عملت" من خير أو شر." وهم أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ" فِي الدُّنْيَا وَلَا حَاجَةَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كِتَابٍ وَلَا إِلَى شاهد، ومع ذلك فتشهد الكتب، إلزاما للحجة.
[سورة الزمر (٣٩): الآيات ٧١ الى ٧٢]
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً" هَذَا بَيَانُ تَوْفِيَةِ كُلِّ نَفْسٍ عَمَلَهَا، فَيُسَاقُ الْكَافِرُ إِلَى النَّارِ وَالْمُؤْمِنُ إِلَى الْجَنَّةِ. وَالزُّمَرُ: الْجَمَاعَاتُ وَاحِدَتُهَا زُمْرَةٌ كَظُلْمَةٍ وَغُرْفَةٍ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ:" زُمَراً" جَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَتَرَى النَّاسَ إِلَى مَنْزِلِهِ ... وزمرا تنتابه بعد زمر
وقال آخر:
حتى أحزأت ... وزمر بعد زمر
(١). آية ٢١ من السورة المذكورة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute