للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألتا، وهو اختيار أى حَاتِمٍ، اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ «١» قَالَ الشَّاعِرُ:

أَبْلِغْ بَنِي ثُعَلٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... جَهْدَ الرِّسَالَةِ لَا أَلْتًا وَلَا كَذِبَا

وَاخْتَارَ الْأُولَى أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ رُؤْبَةُ:

وَلَيْلَةٍ ذَاتَ نَدًى سَرَيْتُ ... وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ

أَيْ لَمْ يَمْنَعْنِي عَنْ سُرَاهَا مَانِعٌ، وَكَذَلِكَ أَلَاتَهُ عَنْ وَجْهِهِ، فَعَلَ وَأَفْعَلَ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ أَيْضًا: مَا أَلَاتَهُ مِنْ عَمَلِهِ شَيْئًا، أَيْ مَا نَقَصَهُ، مِثْلُ أَلَتَهُ، قاله الفراء. وأنشد:

وَيَأْكُلْنَ مَا أَعَنَى الْوَلِيُّ فَلَمْ يَلِتْ ... كَأَنَّ بِحَافَّاتِ النِّهَاءِ الْمَزَارِعَا «٢»

قَوْلُهُ: فَلَمْ «يَلِتْ» أَيْ لم ينقص منه شيئا. و «أعنى» بِمَعْنَى أَنْبَتَ، يُقَالُ:

مَا أَعْنَتَ الْأَرْضُ شَيْئًا، أى ما أنبتت. و «الوليّ» المعطر بَعْدَ الْوَسْمِيِّ «٣»، سُمِّيَ وَلِيًّا لِأَنَّهُ يَلِي الْوَسْمِيَّ، وَلَمْ يَقُلْ، لَا يَأْلِتَاكُمْ، لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تعالى طاعة الرسول.

[سورة الحجرات (٤٩): الآيات ١٥ الى ١٦]

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أَيْ صَدَّقُوا وَلَمْ يَشُكُّوا وَحَقَّقُوا ذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ. أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ فِي إِيمَانِهِمْ، لَا مَنْ أَسْلَمَ خَوْفَ الْقَتْلِ وَرَجَاءَ الْكَسْبِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ حَلَفَ الْأَعْرَابُ أنهم مؤمنون في السر


(١). راجع به ج ١٧ ص ٦٦.
(٢). البيت لعدي بن زيد.
(٣). الوسمي: مطر الربيع الأوّل، سمى به لأنه يسم الأرض بالنبات.