السَّابِعَةُ- الزَّعَامَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحُقُوقِ الَّتِي تَجُوزُ «١» النِّيَابَةُ فِيهَا، مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَكَانَ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا، فَلَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ بِالْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ مُسْتَقِرٍّ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِنْ عَجَزَ رُقَّ وَانْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ، وَأَمَّا كُلُّ حَقٍّ لَا يَقُومُ بِهِ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ كَالْحُدُودِ فَلَا كَفَالَةَ فِيهِ، وَيُسْجَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَدُّ، حَتَّى يُنْظَرَ فِي أَمْرِهِ. وَشَذَّ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَأَجَازَا الْكَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَقَالَا: إِذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ أَوِ الْمُدَّعِي الْقِصَاصَ بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ كَفَلَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَاحْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِمَا رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَشْعَثِ أَنَّهُمْ حَكَمُوا بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بمحضر الصحابة.
[سورة يوسف (١٢): الآيات ٧٣ الى ٧٥]
قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) يُرْوَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَنْزِلُونَ عَلَى أَحَدٍ ظُلْمًا، وَلَا يَرْعَوْنَ زَرْعَ أَحَدٍ، وَأَنَّهُمْ جَمَعُوا عَلَى أَفْوَاهِ إِبِلِهِمُ الْأَكِمَّةَ لِئَلَّا تَعِيثَ فِي زُرُوعِ النَّاسِ. ثم قال: (وَما كُنَّا سارِقِينَ) يُرْوَى أَنَّهُمْ رَدُّوا الْبِضَاعَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي رِحَالِهِمْ، أَيْ فَمَنْ رَدَّ مَا وَجَدَ فَكَيْفَ يَكُونُ سَارِقًا؟!. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) الْمَعْنَى: فَمَا جَزَاءُ الْفَاعِلِ إِنْ بَانَ كَذِبُكُمْ؟ فَأَجَابَ إِخْوَةُ يُوسُفَ: (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) أَيْ يُسْتَعْبَدُ وَيُسْتَرَقُّ." فَجَزاؤُهُ" مُبْتَدَأٌ، وَ" مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ" خَبَرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: جَزَاؤُهُ اسْتِعْبَادُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الِاسْتِعْبَادِ، وَفِي الْجُمْلَةِ مَعْنَى التَّوْكِيدِ، كَمَا تَقُولُ: جَزَاءُ مَنْ سَرَقَ الْقَطْعُ فَهَذَا جَزَاؤُهُ. (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) أَيْ كَذَلِكَ نَفْعَلُ فِي الظَّالِمِينَ إِذَا سَرَقُوا أَنْ يُسْتَرَقُّوا، وَكَانَ هَذَا مِنْ دِينِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحُكْمِهِ. وَقَوْلُهُمْ هَذَا قَوْلُ مَنْ لَمْ يَسْتَرِبْ نَفْسَهُ،
(١). في ع: تجب. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute