للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامِ أَبِي حَاتِمٍ، حَكَى النَّحْوِيُّونَ: إِنْ فَعَلْتَ كذا وكذا فبها ونعمت. يريدون فيها وَنِعْمَتِ الْخَصْلَةُ. وَالتَّقْدِيرُ عَلَى قِرَاءَةِ الْحَسَنِ: بِعِذَابٍ بئس العذاب.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٦٦]]

فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (١٦٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ) أَيْ فَلَمَّا تَجَاوَزُوا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ. (قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) يُقَالُ: خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ، أَيْ بَاعَدْتُهُ وَطَرَدْتُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ «١». وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَعَاصِيَ سَبَبُ «٢» النِّقْمَةِ: وَهَذَا لَا خَفَاءَ بِهِ. فَقِيلَ: قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ بِكَلَامٍ يُسْمَعُ، فكانوا كذلك. وقيل: المعنى كوناهم قردة.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٦٧]]

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧)

أَيْ أَعْلَمَ أَسْلَافَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ غَيَّرُوا وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُعَذِّبُهُمْ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ:" آذَنَ" بِالْمَدِّ، أَعْلَمَ. وَ" أَذَّنَ" بِالتَّشْدِيدِ، نَادَى. وَقَالَ قَوْمٌ: آذَنَ وَأَذَّنَ بِمَعْنَى أَعْلَمَ، كَمَا يُقَالُ: أَيْقَنَ وَتَيَقَّنَ. قَالَ زُهَيْرٌ:

فقلت تعلم إن للصيد غرة ... فإلا تضعيها فَإِنَّكَ قَاتِلُهُ

وَقَالَ آخَرُ:

تَعَلَّمْ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ حَيٌّ ... يُنَادَى فِي شِعَارِهِمْ يَسَارُ

أَيِ اعْلَمْ «٣». وَمَعْنَى" يَسُومُهُمْ" يُذِيقُهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي (البقرة «٤»). قيل: المراد بخت نصر. وَقِيلَ: الْعَرَبُ. وَقِيلَ: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَظْهَرُ، فَإِنَّهُمُ الْبَاقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" سُوءَ الْعَذابِ" هُنَا أَخْذُ الْجِزْيَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فقد


(١). راجع ج ١ ص ٤٤٣.
(٢). في ع: تسبب.
(٣). قال أبو حيان في البحر: أجرى مجرى فعل القسم ولذلك أجيب بما يجاب به القسم. وكذا قال الزمخشري.
(٤). راجع ج ١ ص ٣٨٤.