هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ: (يَقُولُ اللَّهُ هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَتِي وَتَوْحِيدِي إِلَّا أَنْ أُسْكِنَهُ جَنَّتِي وَحَظِيرَةَ قُدْسِي بِرَحْمَتِي) وَقَالَ الصَّادِقُ: هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَحْسَنْتُ عَلَيْهِ فِي الْأَزَلِ إِلَّا حِفْظُ الْإِحْسَانِ عَلَيْهِ فِي الْأَبَدِ. وَقَالَ محمد ابن الحنفية وَالْحَسَنُ: هِيَ مُسْجَلَةٌ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، أَيْ مُرْسَلَةٌ عَلَى الْفَاجِرِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرِّ فِي الْآخِرَةِ.
[سورة الرحمن (٥٥): الآيات ٦٢ الى ٦٥]
وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) أَيْ وَلَهُ مِنْ دُونِ الْجَنَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ جَنَّتَانِ أُخْرَيَانِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمِنْ دُونِهِمَا فِي الدَّرَجِ. ابْنُ زَيْدٍ: وَمِنْ دُونِهِمَا فِي الْفَضْلِ. ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْجَنَّاتُ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ، فَيَكُونُ فِي الْأُولَيَيْنِ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الزَّرْعُ وَالنَّبَاتُ وَمَا انْبَسَطَ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) لِأَتْبَاعِهِ لِقُصُورِ مَنْزِلَتِهِمْ عَنْ مَنْزِلَتِهِ، إِحْدَاهُمَا لِلْحُورِ الْعِينِ، وَالْأُخْرَى لِلْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ، لِيَتَمَيَّزَ بِهِمَا الذُّكُورُ عَنِ الْإِنَاثِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هِيَ أَرْبَعٌ: جَنَّتَانِ مِنْهَا لِلسَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) وَ (عَيْنانِ تَجْرِيانِ)، وَجَنَّتَانِ لِأَصْحَابِ اليمين (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) وِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ)
. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِنَّ الْأُولَيَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنْ وَرِقٍ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. قُلْتُ: إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي كِتَابِ (مِنْهَاجِ الدِّينِ لَهُ)، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) إِلَى قَوْلِهِ: (مُدْهامَّتانِ) قَالَ: تَانِكَ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَهَاتَانِ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ نَحْوُهُ. وَلَمَّا وَصَفَ اللَّهُ الْجَنَّتَيْنِ أَشَارَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ فِي الْأُولَيَيْنِ: (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ)، وفي الأخريين: ِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ)
أَيْ فَوَّارَتَانِ وَلَكِنَّهُمَا لَيْسَتَا كَالْجَارِيَتَيْنِ لِأَنَّ النَّضْخَ دُونَ الْجَرْيِ. وَقَالَ فِي الْأُولَيَيْنِ: (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ. وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ: (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) ولم يقل كُلِّ فَاكِهَةٍ، وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute