للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقُوَّتِهِ وَرِزْقِهِ وَيَقُولُونَ الْخَيْرُ مِنَ اللَّهِ وَالشَّرُّ مِنْ إِبْلِيسَ (. قَالَ: فَيَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ثُمَّ يَقْرَءُونَ عَلَى ذَلِكَ كِتَابَ اللَّهِ، فَيَكْفُرُونَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ؟ قَالَ: (فَمَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْجِدَالِ أُولَئِكَ زَنَادِقَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ). وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَمَضَى فِي" النِّسَاءِ" وَهَذِهِ السُّورَةُ النَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ، وَأَنَّ مَنْ جَالَسَهُمْ حُكْمُهُ حُكْمُهُمْ فَقَالَ:" وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا «١» " الْآيَةَ. ثُمَّ بَيَّنَ فِي سُورَةِ" النِّسَاءِ" وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ عُقُوبَةَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَخَالَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ:" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ" الْآيَةَ «٢». فَأَلْحَقَ مَنْ جَالَسَهُمْ بِهِمْ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَحَكَمَ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي مَجَالِسِ «٣» أَهْلِ الْبِدَعِ عَلَى الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي رَجُلٍ شَأْنُهُ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ قَالُوا: يُنْهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ، فَإِنِ انْتَهَى وَإِلَّا أُلْحِقَ بِهِمْ، يَعْنُونَ فِي الْحُكْمِ. وَقَدْ حَمَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَدَّ عَلَى مُجَالِسِ شَرَبَةِ الْخَمْرِ، وَتَلَا" إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ". قِيلَ لَهُ «٤»: فَإِنَّهُ يَقُولُ إِنِّي أُجَالِسُهُمْ لِأُبَايِنَهُمْ وَأَرُدَّ عَلَيْهِمْ. قَالَ «٥» يُنْهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أُلْحِقَ بهم.

[سورة الأنعام (٦): الآيات ١٥٤ الى ١٥٥]

ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥)

قول تَعَالَى: (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) مَفْعُولَانِ. (تَماماً) مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ مَصْدَرٌ. (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) قُرِئَ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ. فَمَنْ رَفَعَ- وَهِيَ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ- فَعَلَى تَقْدِيرِ: تَمَامًا عَلَى الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَفِيهِ بُعْدٌ مِنْ أَجْلِ حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ الْعَائِدِ عَلَى الَّذِي. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ أَنَّهُ سَمِعَ" مَا أَنَا بِالَّذِي قَائِلٌ لَكَ شَيْئًا". وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ ماضي دَاخِلٌ فِي الصِّلَةِ، هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ. وَأَجَازَ الكسائي والفراء


(١). راجع ص ١٢ من هذا الجزء.
(٢). راجع ج ٥ ص ٤١٧.
(٣). في ك: مجالسه.
(٤). كذا في ك. وفي ب وج وز وى: قيل لهم. قالوا.
(٥). كذا في ك. وفي ب وج وز وى: قيل لهم. قالوا.