للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ، أَيْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِهِ (وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ مُتَارَكَةٌ، مثل قول:" وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً" أَيْ لَنَا دِينُنَا وَلَكُمْ دِينُكُمْ. (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ أَمْنًا لَكُمْ مِنَّا فَإِنَّا لَا نُحَارِبُكُمْ، وَلَا نُسَابُّكُمْ، وليس من التحية في شي. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ. (لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) أَيْ لَا نَطْلُبُهُمْ لِلْجِدَالِ وَالْمُرَاجَعَةِ والمشاتمة.

[[سورة القصص (٢٨): آية ٥٦]]

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) قَالَ الزَّجَّاجُ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ. قُلْتُ: وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ أَجْمَعَ جُلُّ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَصُّ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَقَدْ تقدم الكلام ذَلِكَ فِي" بَرَاءَةٌ" «١». وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ قَوْلُهُ: (وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) إِشَارَةٌ إِلَى الْعَبَّاسِ. وَقَالَهُ قَتَادَةُ. (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) قَالَ مُجَاهِدٌ: لِمَنْ قُدِّرَ لَهُ أَنْ يَهْتَدِيَ. وَقِيلَ: مَعْنَى" مَنْ أَحْبَبْتَ" أَيْ مَنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يَهْتَدِيَ. وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ الْوَحْيَ يُلْقَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَإِنَّهُ سَمِعَ جِبْرِيلَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ".

[سورة القصص (٢٨): الآيات ٥٧ الى ٥٨]

وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨)


(١). راجع ج ٨ ص ٢٧٢ وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.