للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ: أُمُّ الْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي لَا يُبَدَّلُ وَلَا يُغَيَّرُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّبْدِيلُ. وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجْرِي فِي الجرائد الأخر. وسيل ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْكِتَابِ فَقَالَ: عِلْمُ اللَّهِ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَمَا خَلْقُهُ عَامِلُونَ، فَقَالَ لِعِلْمِهِ: كُنْ كِتَابًا، وَلَا تَبْدِيلَ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ الذِّكْرُ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ" «١» [الأنبياء: ١٠٥] وَهَذَا يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ كَعْبٍ. قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: أُمُّ الْكِتَابِ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا خَلَقَ وَبِمَا هُوَ خالق.

[سورة الرعد (١٣): الآيات ٤٠ الى ٤١]

وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١)

قوله تعالى: (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) " مَا" زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ، أَيْ مِنَ الْعَذَابِ لِقَوْلِهِ:" لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

" [الرعد: ٣٤] وَقَوْلُهُ:" وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ" [الرعد: ٣١] أَيْ إِنْ أَرَيْنَاكَ بَعْضَ مَا وَعَدْنَاهُمْ (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ، أَيِ التَّبْلِيغُ، (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) أَيِ الْجَزَاءُ وَالْعُقُوبَةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَرَوْا) يَعْنِي، أَهْلَ مَكَّةَ، (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أَيْ نَقْصِدُهَا. (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ:" نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها" مَوْتُ عُلَمَائِهَا وَصُلَحَائِهَا قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَعَلَى هَذَا فَالْأَطْرَافُ الْأَشْرَافُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الطَّرَفُ وَالطَّرْفُ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ، وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ: أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أُمُورِهِمْ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ، إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَوْتِ أحبار اليهود والنصارى. وقال مجاهد أيضا


(١). راجع ج ١١ ص ٣٤٩.