للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: (يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ). وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أن الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ إِلَّا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الْحَدِيثَ. فَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ أَوَّلَ الْأَكْلِ فليسم آخره، وروى النسائي عن أمية ابن مَخْشِيٍّ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَأْكُلُ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ لُقْمَةٍ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا سَمَّى قَاءَ مَا أَكَلَهُ). التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أَمْرٌ بِالتَّقْوَى عَلَى الْجُمْلَةِ، وَالْإِشَارَةُ الْقَرِيبَةُ هِيَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَاتُ مِنَ الْأَوَامِرِ. وَسُرْعَةُ الْحِسَابِ هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَعَالَى قَدْ أحاط بكل شي علما وأحصى كل شي عَدَدًا، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُحَاوَلَةِ عَدٍّ وَلَا عَقْدٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْحُسَّابُ، وَلِهَذَا قَالَ:" وَكَفى بِنا حاسِبِينَ" «١»] الأنبياء: ٤٧] فَهُوَ سُبْحَانُهُ يُحَاسِبُ الْخَلَائِقَ دُفْعَةً وَاحِدَةً. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَعِيدًا بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ حِسَابَ اللَّهِ لَكُمْ سَرِيعٌ إِتْيَانُهُ، إِذْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَرِيبٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْحِسَابِ الْمُجَازَاةَ، فَكَأَنَّهُ تَوَعَّدَ فِي الدُّنْيَا بِمُجَازَاةٍ سَرِيعَةٍ قريبة إن لم يتقوا الله.

[[سورة المائدة (٥): آية ٥]]

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥)

فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أَيْ" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" وَ" الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ" فَأَعَادَ تَأْكِيدًا أَيْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ الَّتِي سألتم عنها، وكانت


(١). راجع ج ١١ ص ٢٩٣.