عَلَيْهِ حَقُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَتَفَقَّهَ فِي دِينِهِ- ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ (الْآيَةَ. رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَوْلُهُ تعالى:) بما كنتم تعلمون تاب وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) قَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْعِلْمِ. وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو حَاتِمٍ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَتَصْدِيقُهَا" تَدْرُسُونَ" وَلَمْ يَقُلْ" تُدَرِّسُونَ" بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّدْرِيسِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ" تَعَلِّمُونَ" بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّعْلِيمِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ: لِأَنَّهَا تَجْمَعُ المعنيين" تعلمون، وتدرسون". قَالَ مَكِّيٌّ: التَّشْدِيدُ أَبْلَغُ، لِأَنَّ كُلَّ مُعَلِّمٍ عَالِمٌ بِمَعْنَى يَعْلَمُ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا مُعَلِّمًا، فَالتَّشْدِيدُ يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَالتَّخْفِيفُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ فَقَطْ، فَالتَّعْلِيمُ أَبْلَغُ وَأَمْدَحُ وَغَيْرُهُ أَبْلَغُ فِي الذَّمِّ. احْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ قِرَاءَةَ التَّخْفِيفِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ" كُونُوا رَبَّانِيِّينَ" قَالَ: حُكَمَاءُ عُلَمَاءُ، فَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ كُونُوا فُقَهَاءَ حُكَمَاءَ عُلَمَاء بِتَعْلِيمِكُمْ. قَالَ الْحَسَنُ، كُونُوا حُكَمَاءَ عُلَمَاءَ بِعِلْمِكُمْ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ" تُدْرِسُونَ" مِنْ أَدْرَسَ يُدْرِسُ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ" تَعَلَّمُونَ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَيْ تَتَعَلَّمُونَ.
[[سورة آل عمران (٣): آية ٨٠]]
وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى" أَنْ يُؤْتِيَهُ". وَيُقَوِّيهِ أَنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرِيدُ أَنْ نَتَّخِذَكَ يَا مُحَمَّدُ رَبًّا؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ- إِلَى قَوْلِهِ: وَلا يَأْمُرَكُمْ". وَفِيهِ ضَمِيرُ الْبَشَرِ، أَيْ وَلَا يَأْمُرُكُمُ الْبَشَرُ يَعْنِي عِيسَى وعزيرا. وقرا والباقون بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالْقَطْعِ مِنَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ ضَمِيرُ اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَيْ وَلَا يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَتَّخِذُوا. وَيُقَوِّي هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَنَّ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ" وَلَنْ يَأْمُرَكُمْ" فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَالضَّمِيرُ أَيْضًا لله عز وجل، ذكره مكي، وقاله سيبويه والزجاج. وقال ابن جريح وَجَمَاعَةٌ: وَلَا يَأْمُرُكُمْ مُحَمَّدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute