للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ دُونِيَ الْأَعْيَانُ وَالْقِنْعُ كُلُّهُ ... وَكِتْمَانُ أَيْهَا مَا أَشَتَّ وَأَبْعَدَا»

فَهَذِهِ عَشْرُ لُغَاتٍ. فَمَنْ قَالَ:" هَيْهاتَ" بِفَتْحِ التَّاءِ جَعَلَهُ مِثْلَ أَيْنَ وَكَيْفَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُمَا أَدَاتَانِ مُرَكَّبَتَانِ مِثْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَبَعْلَبَكَّ وَرَامَ هُرْمُزَ، وَتَقِفُ عَلَى الثَّانِي بِالْهَاءِ، كَمَا تَقُولُ: خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَصْبُهَا كَنَصْبِ ثَمَّتْ وَرُبَّتْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ إِتْبَاعًا لِلْأَلِفِ وَالْفَتْحَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَمَنْ كَسَرَهُ جَعَلَهُ مِثْلَ أَمْسِ وَهَؤُلَاءِ. قَالَ:

وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ «٢» إِلَيْكَ رُجُوعُهَا

قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَمَنْ كَسَرَ التَّاءَ وَقَفَ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ، فَيَقُولُ هَيْهَاهْ. وَمَنْ نَصَبَهَا وَقَفَ بِالتَّاءِ وَإِنْ شَاءَ بِالْهَاءِ. وَمَنْ ضَمَّهَا فَعَلَى مِثْلِ مُنْذُ وَقَطُّ وَحَيْثُ. وَمَنْ قَرَأَ:" هَيْهَاتَ" بِالتَّنْوِينِ فَهُوَ جَمْعٌ ذَهَبَ بِهِ إِلَى التَّنْكِيرِ «٣»، كَأَنَّهُ قَالَ بُعْدًا بُعْدًا. وَقِيلَ: خُفِضَ وَنُوِّنَ تَشْبِيهًا بِالْأَصْوَاتِ بِقَوْلِهِمْ: غَاقَ وَطَاقَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ فِي" هَيْهاتَ" أَنْ تَكُونَ جَمَاعَةً فَتَكُونَ التَّاءُ الَّتِي فِيهَا تَاءَ الْجَمِيعِ الَّتِي لِلتَّأْنِيثِ. وَمَنْ قَرَأَ:" هَيْهاتَ" جَازَ أَنْ يَكُونَ أَخْلَصَهَا اسْمًا مُعْرَبًا فِيهِ مَعْنَى الْبُعْدِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْفِعْلِ فَيَبْنِيهِ. وَقِيلَ: شَبَّهَ التَّاءَ بِتَاءِ الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ «٤» " [البقرة: ١٩٨]. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَأَنِّي أَسْتَحِبُّ الْوَقْفَ عَلَى التَّاءِ، لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ التَّاءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَكَأَنَّهَا مِثْلُ عَرَفَاتٍ وَمَلَكُوتٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَكَانَ مُجَاهِدٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ يَقِفُونَ عَلَيْهَا" هَيْهَاهْ" بِالْهَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى" هَيْهَاتَ" بِالتَّاءِ، وَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْقُرَّاءِ لِأَنَّهَا حَرْفٌ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. مَنْ جَعَلَهُمَا حَرْفًا وَاحِدًا لَا يُفْرَدُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، وَقَفَ عَلَى الثَّانِي بِالْهَاءِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى الْأَوَّلِ، فَيَقُولُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاهْ، كَمَا يَقُولُ خَمْسَ عَشْرَةَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَمَنْ نَوَى إِفْرَادَ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ وَقَفَ فِيهِمَا جَمِيعًا بِالْهَاءِ وَالتَّاءِ، لِأَنَّ أصل الهاء تاء.

[[سورة المؤمنون (٢٣): آية ٣٧]]

إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧)


(١). الأعيان والقنع وكتمان، كلها مواضع. وفى ب وج وك بدل" الأعيان" الأعيار. وكذا في اللسان مادة أيه. وفى مادة هبه" الاعراض" والكل مواضع.
(٢). كذا في الأصول والذي في اللسان: وهيهات هيهاتا- بالفتح والتنوين.
(٣). في ب وج وط وك: التكثير.
(٤). راجع ج ٢ ص ٤١٣.