للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَذْفُ الثَّانِيَةِ. وَفِي الْكَلَامِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْمُجَازَاةِ، أَيْ مَنْ تَبِعَكَ عَذَّبْتُهُ. وَلَوْ قُلْتَ: مَنْ تَبِعَكَ أُعَذِّبُهُ لَمْ يَجُزْ، إِلَّا أَنْ تُرِيدَ لَأُعَذِّبُهُ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ" لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ" بِكَسْرِ اللَّامِ. وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَتَقْدِيرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- مِنْ أَجْلِ مَنْ تَبِعَكَ. كَمَا يُقَالُ: أَكْرَمْتُ فُلَانًا لَكَ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى: الدَّحْرُ لِمَنْ تَبِعَكَ. وَمَعْنَى" مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ" أَيْ مِنْكُمْ وَمِنْ بَنِي آدَمَ، لِأَنَّ ذِكْرَهُمْ قَدْ جَرَى إِذْ قَالَ:" وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ" خَاطَبَ وَلَدَ آدَمَ.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٩]]

وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩)

قَالَ لِآدَمَ بَعْدَ إِخْرَاجِ إِبْلِيسَ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنَ السَّمَاءِ: اسْكُنْ أَنْتَ وَحَوَّاءُ الْجَنَّةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ «١» مَعْنَى الْإِسْكَانِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ هُنَاكَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

[[سورة الأعراف (٧): آية ٢٠]]

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) أَيْ إِلَيْهِمَا. قِيلَ: دَاخِلَ الْجَنَّةِ بِإِدْخَالِ الْحَيَّةِ إِيَّاهُ وَقِيلَ: مِنْ خَارِجٍ بِالسَّلْطَنَةِ «٢» الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي الْبَقَرَةِ. وَالْوَسْوَسَةُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَالْوَسْوَسَةُ: حَدِيثُ النَّفْسِ يُقَالُ: وَسْوَسَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَسْوَسَةً وَوِسْوَاسًا (بِكَسْرِ الْوَاوِ). وَالْوَسْوَاسُ (بِالْفَتْحِ): اسْمٌ مِثْلُ الزَّلْزَالِ. وَيُقَالُ لِهَمْسِ الصَّائِدِ وَالْكِلَابِ وَأَصْوَاتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاسٌ. قَالَ الأعشى:


(١). راجع ج ١ ص ٢٩٨. وص ٢٠٤.
(٢). في ج: بالشيطة.