للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ" هَذِهِ لَامُ التَّأْكِيدِ دَخَلَتْ فِي خَبَرِ إِنَّ وَسَبِيلُهَا أَنْ تَكُونَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، لِأَنَّهَا تَوْكِيدُ الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنَّهَا تُزَحْلَقُ عَنْ مَوْضِعِهَا، كَذَا قَالَ سيبويه. تقول: إن عمر لَخَارِجٌ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إِنَّ، لِأَنَّهُمَا يُؤَدَّيَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ إِنَّ وَأَنَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ. وَأَجَازَ هِشَامٌ إِنَّ أَنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ حَقٌّ، فَإِنْ حَذَفْتَ حَقًّا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ عَلِمْتُهُ، قَالَهُ النَّحَّاسُ." لَا رَيْبَ فِيها" لَا شَكَّ وَلَا مِرْيَةَ." وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ" أَيْ لَا يُصَدِّقُونَ بِهَا وَعِنْدَهَا يَبِينُ فَرْقُ مَا بَيْنَ الطائع والعاصي.

[سورة غافر (٤٠): الآيات ٦٠ الى ٦٥]

وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤)

هُوَ الْحَيُّ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" الْآيَةَ رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ" ثُمَّ قَرَأَ" وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ" قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ. وَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ