للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي إِسْحَاقَ" فَارْهَبُونِي" بِالْيَاءِ وَكَذَا" فَاتَّقُونِي" عَلَى الْأَصْلِ." وَإِيَّايَ" مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ وَكَذَا الِاخْتِيَارُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ التَّقْدِيرُ: وَإِيَّايَ ارْهَبُوا فَارْهَبُونِ. وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ وَأَنَا فَارْهَبُونِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ. وَكَوْنُ" فَارْهَبُونِ" الْخَبَرَ عَلَى تَقْدِيرِ الحذف المعنى وأنا ربكم فارهبون.

[[سورة البقرة (٢): آية ٤١]]

وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) أَيْ صَدِّقُوا، يَعْنِي بِالْقُرْآنِ. (مُصَدِّقاً) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" أَنْزَلْتُ"، التَّقْدِيرُ بِمَا أَنْزَلْتُهُ مُصَدِّقًا، وَالْعَامِلُ فِيهِ أَنْزَلْتُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ مَا وَالْعَامِلُ فِيهِ آمِنُوا التَّقْدِيرُ آمِنُوا بِالْقُرْآنِ مُصَدِّقًا. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً التَّقْدِيرُ آمِنُوا بِإِنْزَالٍ. (لِما مَعَكُمْ) يَعْنِي مِنَ التَّوْرَاةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) الضَّمِيرُ فِي" بِهِ" قِيلَ هُوَ عَائِدٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ إِذْ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ:" بِما أَنْزَلْتُ". وَقِيلَ: عَلَى التَّوْرَاةِ، إِذْ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ:" لِما مَعَكُمْ". فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ" كافِرٍ" وَلَمْ يَقُلْ كَافِرِينَ قِيلَ: التَّقْدِيرُ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ فَرِيقٍ كَافِرٍ بِهِ. وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ هُوَ أَظْرَفُ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلُهُ وَكَانَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ هُوَ أَظْرَفُ فَتًى وَأَجْمَلُهُ. وَقَالَ:" أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ" وَقَدْ كَانَ قَدْ كَفَرَ قَبْلَهُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذْ هُمْ مَنْظُورٌ إِلَيْهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُمْ حُجَّةٌ مَظْنُونٌ بِهِمْ عِلْمٌ. وَ" أَوَّلَ" عِنْدَ سِيبَوَيْهِ نُصِبَ عَلَى خَبَرِ كَانَ. وَهُوَ مِمَّا لَمْ يُنْطَقْ مِنْهُ بِفِعْلٍ وَهُوَ عَلَى أَفْعَلَ عَيْنُهُ وَفَاؤُهُ وَاوٌ. وَإِنَّمَا لَمْ يُنْطَقْ مِنْهُ بِفِعْلٍ لِئَلَّا يَعْتَلَّ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْعَيْنِ وَالْفَاءِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ مِنْ وَأَلَ إِذَا نَجَا فَأَصْلُهُ أَوْأَلُ ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ وَأُبْدِلَتْ وَاوًا وَأُدْغِمَتْ