فِي بِمَعْنَى مِنْ. وَقِيلَ: فِي بِمَعْنَى مَعَ، فَالْآيَاتُ عَشَرَةٌ مِنْهَا الْيَدُ، وَالتِّسْعُ: الْفَلْقُ وَالْعَصَا وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالطُّوفَانُ وَالدَّمُ وَالضَّفَادِعُ وَالسِّنِينَ وَالطَّمْسُ «١». وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ جَمِيعِهِ. (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) قَالَ الْفَرَّاءُ: فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، أَيْ إِنَّكَ مَبْعُوثٌ أَوْ مُرْسَلٌ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ. (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) أَيْ خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً) أَيْ وَاضِحَةً بَيِّنَةً. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَيَجُوزُ مَبْصَرَةٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَا يُقَالُ: الْوَلَدُ مَجْبَنَةٌ. (قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) جَرَوْا عَلَى عَادَتِهِمْ فِي التَّكْذِيبِ فَلِهَذَا قَالَ: (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) أَيْ تَيَقَّنُوا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ سِحْرًا، وَلَكِنَّهُمْ كَفَرُوا بِهَا وَتَكَبَّرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُوسَى. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُعَانِدِينَ. وَ" ظُلْماً" وَ" عُلُوًّا" مَنْصُوبَانِ عَلَى نَعْتِ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَجَحَدُوا بِهَا جُحُودًا ظُلْمًا وَعُلُوًّا. وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ وَجَحَدُوهَا، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. (فَانْظُرْ) يَا مُحَمَّدُ (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) أَيْ آخِرُ أَمْرِ الْكَافِرِينَ الطَّاغِينَ، انْظُرْ ذَلِكَ بِعَيْنِ قَلْبِكَ وَتَدَبَّرْ فِيهِ. الْخِطَابُ له والمراد غيره.
[سورة النمل (٢٧): الآيات ١٥ الى ١٦]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) أَيْ فَهْمًا، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: عِلْمًا بِالدِّينِ وَالْحُكْمِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَالَ:" وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ". وَقِيلَ: صَنْعَةَ الْكِيمْيَاءِ. وَهُوَ شَاذٌّ. وَإِنَّمَا الَّذِي آتَاهُمَا اللَّهُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةَ فِي الْأَرْضِ وَالزَّبُورَ.
(١). الطمس: طمس الشيء إذهابه عن صورته. وقد صير الله أموالهم ودراهمهم حجارة. راجع ج ٨ ص ٣٧٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute