للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ النَّصْرَانِيِّ، فَعَلَى هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ. وَ" مُسْتَقَرًّا" نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ إِذَا قُدِّرَ عَلَى غَيْرِ بَابِ" أَفْعَلُ مِنْكَ" وَالْمَعْنَى لَهُمْ خَيْرٌ فِي مُسْتَقَرٍّ. وَإِذَا كَانَ مِنْ بَابِ" أَفْعَلُ منك" فانتصابه على البيان، قاله النَّحَّاسُ وَالْمَهْدَوِيُّ. قَالَ قَتَادَةُ:" وَأَحْسَنُ مَقِيلًا" مَنْزِلًا وَمَأْوًى. وَقِيلَ هُوَ عَلَى مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ مَقِيلِ نِصْفِ النَّهَارِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ" إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَفْرُغُ مِنْ حِسَابِ الْخَلْقِ فِي مِقْدَارِ نِصْفِ يَوْمٍ فَيَقِيلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ" ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ القيامة من النهار حتى يقبل هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، قرأ" ثم إن مقيلهم لا لي الْجَحِيمِ" كَذَا هِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحِسَابُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي أَوَّلِهِ، فَلَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ مِنْ يَوْمِ القيامة حتى قيل أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ. وَمِنْهُ مَا رُوِيَ" قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لا تقيل". وذكر قاسم ابن أَصْبَغَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" فَقُلْتُ: مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَنِ الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا".

[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) أَيْ وَاذْكُرْ يَوْمَ تَشَقَّقَ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَيَحْيَى وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو" تَشَقَّقُ" بِتَخْفِيفِ الشِّينِ وَأَصْلُهُ تَتَشَقَّقُ بِتَاءَيْنِ فخذوا الْأُولَى تَخْفِيفًا، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. الْبَاقُونَ" تَشَّقَّقُ" بِتَشْدِيدِ الشِّينِ عَلَى الْإِدْغَامِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَكَذَلِكَ فِي" ق" «١»." بِالْغَمَامِ" أَيْ عَنِ الْغَمَامِ. والباء وعن يَتَعَاقَبَانِ، كَمَا تَقُولُ: رَمَيْتُ بِالْقَوْسِ، وَعَنِ الْقَوْسِ. روى أن السماء تتشقق عن سحاب


(١). في قوله تعالى:" يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً" ... آية ٤٤