للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ" [البقرة: ٧١]. وَقِيلَ: لَا، بَلْ عَلَى التَّرَاخِي، لِأَنَّهُ لَمْ يعنفهم على التأخير والمراجعة في الخطاب. قال ابن خويز منداد.

[[سورة البقرة (٢): آية ٦٩]]

قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها) " مَا" اسْتِفْهَامٌ مُبْتَدَأَةٌ وَ" لَوْنُها" الْخَبَرُ. وَيَجُوزُ نَصْبُ" لَوْنُهَا" بِ"- يُبَيِّنُ"، وَتَكُونُ" مَا" زَائِدَةٌ. وَاللَّوْنُ وَاحِدُ الْأَلْوَانِ وَهُوَ هَيْئَةٌ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ. وَاللَّوْنُ: النَّوْعُ. وَفُلَانٌ مُتَلَوِّنٌ: إِذَا كَانَ لا يثبت على خلق وَاحِدٍ وَحَالٍ وَاحِدٍ، قَالَ:

كُلُّ يَوْمٍ تَتَلَوَّنُ ... غَيْرَ هَذَا بِكَ أَجْمَلُ

وَلَوَّنَ الْبُسْرُ تَلْوِينًا: إِذَا بَدَا فِيهِ أَثَرُ النُّضْجِ. وَاللَّوْنُ: الدَّقَلُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ جَمَاعَةٌ، وَاحِدُهَا لِينَةٌ. قَوْلُهُ: (صَفْراءُ) جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا صَفْرَاءُ اللَّوْنِ، مِنَ الصُّفْرَةِ الْمَعْرُوفَةِ. قَالَ مَكِّيٌّ عَنْ بَعْضِهِمْ: حَتَّى الْقَرْنُ وَالظَّلْفُ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ صَفْرَاءَ الْقَرْنِ وَالظَّلْفِ فَقَطْ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا:" صَفْراءُ" مَعْنَاهُ سَوْدَاءُ، قَالَ الشَّاعِرُ: «١»

تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ وَتِلْكَ رِكَابِي ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيبِ

قُلْتُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَهَذَا شَاذٌّ لَا يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا إِلَّا فِي الْإِبِلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ" [المرسلات: ٣٣] وَذَلِكَ أَنَّ السُّودَ مِنَ الْإِبِلِ سَوَادُهَا صُفْرَةٌ. وَلَوْ أَرَادَ السَّوَادَ لَمَا أَكَّدَهُ بِالْفُقُوعِ، وَذَلِكَ نَعْتٌ مُخْتَصٌّ بِالصُّفْرَةِ، وَلَيْسَ يُوصَفُ السَّوَادُ بِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَسْوَدُ حَالِكٌ وَحَلَكُوكٌ وَحُلْكُوكٌ، وَدَجُوجِيٌّ وَغِرْبِيبٌ، وَأَحْمَرُ قَانِئٌ، وَأَبْيَضُ نَاصِعٌ وَلَهِقٌ وَلِهَاقٌ وَيَقَقٌ، وَأَخْضَرُ نَاضِرٌ، وَأَصْفَرُ فَاقِعٌ، هَكَذَا نَصَّ نقلة اللغة عن العرب. قال


(١). القائل هو الأعشى كما في اللسان.