للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُشْرِكِ مُشْرِكًا إِذَا أَطَاعَهُ فِي الِاعْتِقَادِ، فَأَمَّا إِذَا أَطَاعَهُ فِي الْفِعْلِ وَعَقْدُهُ سَلِيمٌ مُسْتَمِرٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّصْدِيقِ فَهُوَ عَاصٍ، فَافْهَمُوهُ. وَقَدْ مضى في" المائدة «١» ".

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٢٢]]

أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ، دَخَلَتْ عَلَيْهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ. وَرَوَى الْمُسَيَّبِيُّ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ" أَوَمَنْ كانَ" بِإِسْكَانِ الْوَاوِ. قال النحاس: يحوز أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى، أَيِ انْظُرُوا وَتَدَبَّرُوا أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا." أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ" قِيلَ: مَعْنَاهُ كَانَ مَيْتًا حِينَ كَانَ نُطْفَةً فَأَحْيَيْنَاهُ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، حَكَاهُ ابن بحر. وقال ابن عباس: أو من كَانَ كَافِرًا فَهَدَيْنَاهُ. نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالسُّدِّيُّ:" فَأَحْيَيْناهُ" عُمَرُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «٢»." كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ" أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ «٣». وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ. وَقِيلَ: كَانَ مَيْتًا بِالْجَهْلِ فَأَحْيَيْنَاهُ بِالْعِلْمِ. وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ لِبَعْضِ شُعَرَاءِ (الْبَصْرَةِ «٤»:

وَفِي الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوْتٌ لِأَهْلِهِ ... فَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ

وَإِنَّ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ ... فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

وَالنُّورُ عِبَارَةٌ عَنِ الْهُدَى وَالْإِيمَانِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ. وَقِيلَ: هُوَ النُّورُ الْمَذْكُورُ فِي قول:" يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ «٥» " وَقَوْلُهُ:" انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ"." يَمْشِي بِهِ" أي بالنور في الناس" كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ" أي كمن هو فمثل زَائِدَةٌ. تَقُولُ: أَنَا أُكْرِمُ مَثَلَكَ، أَيْ أُكْرِمُكَ. وَمِثْلُهُ" فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ «٦» "،


(١). راجع ج ٦ ص ٢٥٤ وص ٣٠١.
(٢). من ع.
(٣). من ع.
(٤). من ج وك وى وع وز. وفي اوب: العرب.
(٥). راجع ج ١٧ ص ٢٤٢ وص ٢٤٥.
(٦). راجع ج ٦ ص ٣٠٦.