قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرُ أَبِيهَا لَوْ تَبَدَّتْ لِنَاسِكِ ... قَدِ اعْتَزَلَ الدُّنْيَا بِإِحْدَى الْمَنَاسِكِ
لَصَلَّى لَهَا قبل الصلاة لربه ... ولا ارتد فِي الدُّنْيَا بِأَعْمَالِ فَاتِكِ
وَقِيلَ:" اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ" أَيْ أَطَاعَ هَوَاهُ. وَعَنِ الْحَسَنِ لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا اتَّبَعَهُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) أَيْ حَفِيظًا وَكَفِيلًا حَتَّى تَرُدَّهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَتُخْرِجَهُ مِنْ هَذَا الْفَسَادِ. أي ليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئك، وَإِنَّمَا عَلَيْكَ التَّبْلِيغُ. وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ. ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ. وَقِيلَ: لَمْ تُنْسَخْ، لِأَنَّ الْآيَةُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[[سورة الفرقان (٢٥): آية ٤٤]]
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ) وَلَمْ يَقُلْ أَنَّهُمْ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤْمِنُ. وَذَمَّهُمْ عز وجل بِهَذَا." أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ" سَمَاعَ قَبُولٍ أَوْ يُفَكِّرُونَ فِيمَا تَقُولُ فَيَعْقِلُونَهُ، أَيْ أهم بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَعْقِلُ وَلَا يَسْمَعُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا يَسْمَعُونَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا، وَالْمُرَادُ أَهْلُ مَكَّةَ. وَقِيلَ:" أَمْ" بِمَعْنَى بَلْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) أَيْ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يُفَكِّرُونَ فِي الْآخِرَةِ. (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) إِذْ لَا حِسَابَ وَلَا عِقَابَ عَلَى الْأَنْعَامِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْبَهَائِمُ تَعْرِفُ رَبَّهَا وَتَهْتَدِي إِلَى مَرَاعِيهَا وَتَنْقَادُ لِأَرْبَابِهَا الَّتِي تَعْقِلُهَا، وَهَؤُلَاءِ لَا يَنْقَادُونَ وَلَا يَعْرِفُونَ رَبَّهُمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْبَهَائِمَ إِنْ لَمْ تَعْقِلْ صِحَّةَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ لَمْ تَعْتَقِدْ بُطْلَانَ ذَلِكَ أَيْضًا.
[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ٤٥ الى ٤٦]
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute