وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَابْنِ أَبِي طَلْحَةَ: الْأَبُّ: الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ التِّينُ خَاصَّةً. وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا لَهُمْ مَرْتَعٌ لِلَسَّوَا «١» ... مِ وَالْأَبُّ عِنْدَهُمْ يُقْدَرُ
الْكَلْبِيُّ: هُوَ كُلُّ نَبَاتٍ سِوَى الْفَاكِهَةِ. وَقِيلَ: الْفَاكِهَةُ: رَطْبُ الثِّمَارِ، وَالْأَبُّ يَابِسُهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ تَفْسِيرِ الْفَاكِهَةِ وَالْأَبِّ فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ: فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ. وَقَالَ أَنَسٌ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ هَذَا قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ رَفَعَ عَصًا كَانَتْ بِيَدِهِ وَقَالَ: هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ، وَمَا عَلَيْكَ يَا بْنَ أُمِّ عُمَرَ أَلَّا تَدْرِيَ مَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: اتَّبِعُوا مَا بُيِّنَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا لَا فَدَعُوهُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: [خُلِقْتُمْ مِنْ سَبْعٍ، وَرُزِقْتُمْ مِنْ سَبْعٍ، فَاسْجُدُوا لِلَّهِ عَلَى سَبْعٍ [. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: [خُلِقْتُمْ مِنْ سَبْعٍ [يَعْنِي مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ [الحج: ٥] الْآيَةَ، وَالرِّزْقُ مِنْ سَبْعٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً إِلَى قَوْلِهِ: وَفاكِهَةً ثُمَّ قَالَ: وَأَبًّا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرِزْقٍ لِابْنِ آدَمَ، وَأَنَّهُ مِمَّا تَخْتَصُّ بِهِ الْبَهَائِمُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَتاعاً لَكُمْ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ، لِأَنَّ إِنْبَاتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِمْتَاعٌ لِجَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ. وَهَذَا ضَرْبُ مَثَلٍ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْثِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ، كَنَبَاتِ الزَّرْعِ بَعْدَ دُثُورِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَيَتَضَمَّنُ امْتِنَانًا عَلَيْهِمْ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ، وَقَدْ مَضَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَيْضًا.
[سورة عبس (٨٠): الآيات ٣٣ الى ٤٢]
فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢)
(١). السوام والسائمة: المال الراعي من الإبل والغنم وغيرهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute