[[سورة التوبة (٩): آية ٢٠]]
الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" الَّذِينَ آمَنُوا" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ. وَخَبَرُهُ" أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ". وَ" دَرَجَةً" نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ، أَيْ مِنَ الَّذِينَ افْتَخَرُوا بِالسَّقْيِ وَالْعِمَارَةِ. وَلَيْسَ لِلْكَافِرِينَ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى يُقَالَ: الْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ دَرَجَةً. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ قَدَّرُوا لِأَنْفُسِهِمُ الدَّرَجَةَ بِالْعِمَارَةِ وَالسَّقْيِ فَخَاطَبَهُمْ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيرُ خَطَأً كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا" «١» [ان الفرق: ٢٤]. وَقِيلَ:" أَعْظَمُ دَرَجَةً" مِنْ كُلِّ ذِي دَرَجَةٍ، أَيْ لَهُمُ الْمَزِيَّةُ وَالْمَرْتَبَةُ الْعَلِيَّةُ." وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ" بذلك.
[سورة التوبة (٩): الآيات ٢١ الى ٢٢]
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ" أَيْ يُعْلِمُهُمْ فِي الدُّنْيَا مَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. وَالنَّعِيمُ: لِينُ الْعَيْشِ وَرَغَدُهُ. (خالِدِينَ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَالْخُلُودُ الْإِقَامَةُ. (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) أَيْ أَعَدَّ لَهُمْ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ ذلك الثواب.
[[سورة التوبة (٩): آية ٢٣]]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً، وَهِيَ بَاقِيَةُ الْحُكْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي قَطْعِ الْوِلَايَةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ. وَرَوَتْ فِرْقَةٌ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْحَضِّ عَلَى الْهِجْرَةِ وَرَفْضِ بِلَادِ الْكَفَرَةِ. فَالْمُخَاطَبَةُ عَلَى هَذَا إِنَّمَا هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ وغيرها
(١). راجع ج ١٣ ص ٢١ فما بعد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute