اللَّهِ، مَا أَخَذْتُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرِي. وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ فَقَالَتْ لَهُ: احْكُمْ لِي عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا لِي عِنْدَهُ. فَقَالَ لَهَا: إِنْ أَرَدْتِ أَنْ أَشْهَدَ لَكِ فَنَعَمْ وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اشْتَرَى فَرَسًا فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ، فَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ وَقَالَ:" مَنْ يَشْهَدُ لِي" فَقَامَ خُزَيْمَةُ فَشَهِدَ فَحَكَمَ. خَرَّجَ الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ مَضَى في" البقرة." «١»
[سورة ص (٣٨): الآيات ٢٧ الى ٢٩]
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا" أَيْ هَزْلًا وَلَعِبًا. أَيْ ما خلقنا هما إِلَّا لِأَمْرٍ صَحِيحٍ وَهُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى قُدْرَتِنَا." ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا" أَيْ حُسْبَانُ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمَا بَاطِلًا." فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ" ثم ونجهم فَقَالَ:" أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ" وَالْمِيمُ صِلَةٌ تَقْدِيرُهُ، أَنَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ" فَكَانَ فِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَجُوزُ أَنْ يكون المفسد ما لصالح أو أرفع درجة منه. وبعده أيضا:" أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ" أَيْ أَنَجْعَلُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالْكُفَّارِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ هُوَ عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِينَ الْمُتَّقِينَ وَالْفُجَّارِ الْكَافِرِينَ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْثِ الذين جعلوا مصير المطيع والعاصي إلى شي واحد.
(١). راجع ج ٣ ص ٤٠٥ طبعه أولى أو ثانية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute