للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَزِقَّةِ زِنًى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي" خَلْفٌ ٨٠" فِي" الْأَعْرَافِ" «١» فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَضاعُوا الصَّلاةَ) وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ:" أَضَاعُوا الصَّلَوَاتِ" عَلَى الْجَمْعِ. وَهُوَ ذَمٌّ وَنَصٌّ فِي أَنَّ إِضَاعَةَ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِرِ الَّتِي يُوبَقُ بِهَا صَاحِبُهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ: وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: النَّصَارَى خَلَفُوا بَعْدَ الْيَهُودِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا وَعَطَاءٌ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَيْ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا أَنَّهُمُ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى إِضَاعَتِهَا، فَقَالَ الْقُرَظِيُّ: هِيَ إِضَاعَةُ كُفْرٍ وَجَحْدٍ بِهَا. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ إِضَاعَةُ أَوْقَاتِهَا، وَعَدَمُ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَنَّهَا إِذَا صُلِّيَتْ مُخَلًّى بِهَا لَا تَصِحُّ وَلَا تُجْزِئُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الَّذِي صَلَّى وَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ حُذَيْفَةُ لِرَجُلٍ يُصَلِّي فَطَفَّفَ «٢»: مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ؟ قَالَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا. قَالَ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ الصَّلَاةَ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَاللَّفْظُ لِلنَّسَائِيِّ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ) يَعْنِي صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، يَرَوْنَ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تِلْكَ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (. وَهَذَا ذَمٌّ لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَقَالَ فَرْوَةُ بْنُ خالد بن سنان: استبطأ


(١). راجع ج ٧ ص ٣١٠ فما بعد.
(٢). أي نقص والتطفيف يكون بمعنى الزيادة والنقص.