للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتِصَارٌ، وَالْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلٍ مِنَ الله، فحذف، قاله الفراء. (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) أَيْ رَجَعُوا. وَقِيلَ احْتَمَلُوا. وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ لَزِمَهُمْ، وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ «١»

. ثُمَّ أَخْبَرَ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ. فَقَالَ: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ مستوفى «٢». ثم أخبر فقال: لَيْسُوا سَواءً) وتم الْكَلَامُ. وَالْمَعْنَى: لَيْسَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءً، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ سَوَاءً. وَذَكَرَ أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [لَيْلَةً] «٣» صَلَاةَ الْعِشَاءِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السَّاعَةِ غَيْرُكُمْ) قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ- إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ" وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ" مَنْ آمَنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ «٤»، وَأُسَيْدُ «٥» بْنُ سُعَيَّةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودَ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَرَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَرَسَخُوا «٦» فِيهِ، قَالَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ وَأَهْلُ الْكُفْرِ مِنْهُمْ: مَا آمَنَ بِمُحَمَّدٍ وَلَا تَبِعَهُ إِلَّا شِرَارُنَا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ خِيَارِنَا مَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ وَذَهَبُوا إِلَى غَيْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ:" لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. إِلَى قَوْلِهِ:" وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ". وَقَالَ الْأَخْفَشُ: التَّقْدِيرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ذُو أُمَّةٍ، أَيْ ذُو طَرِيقَةٍ حسنة. وأنشد:

وهل يأتمن ذو أمة وهو طائع


(١). راجع ج ١ ص ١٥٠ وص ٤٣٠.
(٢). راجع ج ١ ص ٤٣١.
(٣). الزيادة في د.
(٤). سعية: بالسين والعين المهملتين وياء باثنتين.
(٥). في الاستيعاب في ترجمة أسيد هذا:" رواء يونس ابن بكير عن ابن إسحاق (أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين، وكذلك قال الواقدي. وفى رواية إبراهيم ابن سعد عن ابن إسحاق (أسيد) بالضم. والفتح عندهم أصح".
(٦). في د وب: نتجوا فيه.