للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي (!. قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا بِأَلَّا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إِنِ اتَّبَعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ. وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي سُورَةِ" سُبْحَانَ" «١» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّالِثَةُ- (فِي السَّبْتِ) مَعْنَاهُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي حُكْمِ السَّبْتِ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْحَسَنِ وَأَنَّهُمْ أَخَذُوا فِيهِ الْحِيتَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْلَالِ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: زَعَمَ ابْنُ رُومَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ خَيْطًا وَيَضَعُ فِيهِ وَهْقَةً «٢» وَأَلْقَاهَا فِي ذَنَبِ الْحُوتِ، وَفِي الطَّرَفِ الْآخَرِ مِنَ الْخَيْطِ وَتَدٌ وَتَرَكَهُ كَذَلِكَ إِلَى الْأَحَدِ، ثُمَّ تَطَرَّقَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْا مَنْ صَنَعَ لَا يُبْتَلَى، حَتَّى كَثُرَ صَيْدُ الْحُوتِ وَمُشِيَ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَعْلَنَ الْفَسَقَةُ بِصَيْدِهِ. فَقَامَتْ فِرْقَةٌ فَنَهَتْ وَجَاهَرَتْ بِالنَّهْيِ وَاعْتَزَلَتْ. وَيُقَالُ: إِنَّ النَّاهِينَ قَالُوا: لَا نُسَاكِنُكُمْ، فَقَسَمُوا الْقَرْيَةَ بِجِدَارٍ. فَأَصْبَحَ النَّاهُونَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَجَالِسِهِمْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمُعْتَدِينَ أَحَدٌ، فَقَالُوا: إِنَّ لِلنَّاسِ لَشَأْنًا، فَعَلَوْا عَلَى الْجِدَارِ فَنَظَرُوا فَإِذَا هُمْ قِرَدَةٌ، فَفَتَحُوا الْبَابَ وَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ، فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ، وَلَا يَعْرِفُ الْإِنْسُ أَنْسَابَهُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ، فَجَعَلَتِ الْقِرَدَةُ تَأْتِي نَسِيبَهَا مِنَ الْإِنْسِ فَتَشُمُّ ثِيَابَهُ وَتَبْكِي، فَيَقُولُ: أَلَمْ نَنْهَكُمْ! فَتَقُولُ بِرَأْسِهَا نَعَمْ. قَالَ قَتَادَةُ: صَارَ الشُّبَّانُ قِرَدَةً، وَالشُّيُوخُ خَنَازِيرَ، فَمَا نَجَا إِلَّا الَّذِينَ نَهَوْا وَهَلَكَ سَائِرُهُمْ. وَسَيَأْتِي فِي" الْأَعْرَافِ" «٣» قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ. وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَفْتَرِقُوا إِلَّا فِرْقَتَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالسَّبْتُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّبْتِ وَهُوَ القطع، فقيل: إن الأشياء فيه سَبَتَتْ وَتَمَّتْ خِلْقَتُهَا. وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّبُوتِ الَّذِي هُوَ الرَّاحَةُ وَالدَّعَةُ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَمْسُوخِ هَلْ يَنْسِلُ عَلَى قَوْلَيْنِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ قَوْمٌ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِرَدَةُ مِنْهُمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْمَمْسُوخُ لَا يَنْسِلُ وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَغَيْرُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالَّذِينَ مسخهم الله قد هلكوا


(١). راجع ج ١٠ ص ٣٣٥.
(٢). الوهق (بالتحريك وتسكن الهاء): الحبل في طرفيه أنشوطة تطرح في عنق الدابة أو الإنسان حتى تؤخذ. والأنشوطة عقدة يسهل انحلالها كعقدة التكة عند جذبها. راجع ج ٧ ص ٣٠٦.
(٣). راجع ج ٧ ص ٣٠٧