للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا تَتَرَبَّصُ فَلَيْسَ مِنَ الشَّرْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خِلَافِ مَخْبَرِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لِيَتَرَبَّصْنَ، فَحَذَفَ اللَّامَ. الثَّالِثَةُ قَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ" قُرُوءٍ" عَلَى وَزْنِ فُعُولٍ، اللَّامُ هَمْزَةٌ. وَيُرْوَى عَنْ نَافِعٍ" قُرُوٍّ" بِكَسْرِ الْوَاوِ وَشَدِّهَا مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ" قَرْءٍ" بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالتَّنْوِينِ. وَقُرُوءٌ جَمْعُ أَقْرُؤٍ وَأَقْرَاءٍ، وَالْوَاحِدُ قُرْءٌ بِضَمِّ القاف، قال الْأَصْمَعِيُّ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ:" قَرْءٍ" بِفَتْحِ الْقَافِ، وَكِلَاهُمَا قَالَ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ، فَهِيَ مُقْرِئٌ. وَأَقْرَأَتْ طَهُرَتْ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا صَارَتْ صَاحِبَةَ حَيْضٍ، فَإِذَا حَاضَتْ قُلْتَ: قَرَأَتْ، بِلَا أَلِفٍ. يُقَالُ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ. وَالْقُرْءُ: انْقِطَاعُ «١» الْحَيْضِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ. وَأَقْرَأَتْ حَاجَتُكَ: دَنَتْ، عَنِ الجوهري. وقال أبو عمرو ابن الْعَلَاءِ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّي الْحَيْضَ قُرْءًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الطُّهْرَ قُرْءًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْمَعُهُمَا جَمِيعًا، فَيُسَمِّي الطُّهْرَ مَعَ الْحَيْضِ قُرْءًا، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. الرَّابِعَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَقْرَاءِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: هِيَ الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَعِكْرِمَةَ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: هِيَ الْأَطْهَارُ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَالشَّافِعِيِّ. فَمَنْ جَعَلَ الْقُرْءَ اسْمًا لِلْحَيْضِ سَمَّاهُ بِذَلِكَ، لِاجْتِمَاعِ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، وَمَنْ جَعَلَهُ اسْمًا لِلطُّهْرِ فَلِاجْتِمَاعِهِ فِي الْبَدَنِ، وَالَّذِي يُحَقِّقُ لَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي الْقُرْءِ الْوَقْتُ، يُقَالُ: هَبَّتِ الرِّيحُ لِقُرْئِهَا وَقَارِئِهَا أَيْ لِوَقْتِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ «٢»:

كَرِهْتُ الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ «٣» ... إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ

فَقِيلَ لِلْحَيْضِ: وَقْتٌ، وَلِلطُّهْرِ وَقْتٌ، لِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَقَالَ الْأَعْشَى فِي الْأَطْهَارِ:

أَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غزوة ... تسد لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا

مُوَرِّثَةٍ عِزًّا «٤» وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا


(١). في ب وح: انقضاء.
(٢). هو مالك بن الحارث الهذلي (عن اللسان).
(٣). العقر: اسم موضع. وشليل: جد جرير بن عبد الله البجلي.
(٤). في الديوان: مورثة مالا وفى المجد رفعة.