الْمِثْلِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِالْقَوِيِّ، لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا، فَكَيْفَ يَجِبُ مهر المثل في وطئ امْرَأَةٍ حُكْمُهَا فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ! إِلَّا أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَوِيَّةٌ، لِأَنَّهَا عَلَيْهِ مُحَرَّمَةٌ إِلَّا بِرَجْعَةٍ لَهَا. وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ، وَحَسْبُكَ بِهَذَا! السَّادِسَةُ- وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُسَافِرُ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُسَافِرُ بِهَا حَتَّى يُرَاجِعَهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ رَوَى عنه الحسن ابن زِيَادٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ، وَرَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، لَا يُسَافِرُ بِهَا حَتَّى يُرَاجِعَ. السَّابِعَةُ- وَاخْتَلَفُوا هَلْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَيَرَى شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا، وَهَلْ تَتَزَيَّنُ لَهُ وَتَتَشَرَّفُ «١»، فَقَالَ مَالِكٌ. لَا يَخْلُو مَعَهَا، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا إِلَّا وَعَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهَا إِذَا كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا، وَلَا يَبِيتُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَيَنْتَقِلُ عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَا يَرَى شَعْرَهَا. وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَنَّهَا تَتَزَيَّنُ لَهُ وَتَتَطَيَّبُ وَتَلْبَسُ الْحُلِيَّ وَتَتَشَرَّفُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَإِنَّهُ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَتَلْبَسُ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَلْيَجْعَلَا بَيْنَهُمَا سِتْرًا، وَيُسَلِّمُ إِذَا دَخَلَ، وَنَحْوُهُ عَنْ قَتَادَةَ، وَيُشْعِرُهَا إِذَا دَخَلَ بِالتَّنَخُّمِ وَالتَّنَحْنُحِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى مُطَلِّقِهَا تَحْرِيمَ الْمَبْتُوتَةِ حَتَّى يُرَاجِعَ، وَلَا يُرَاجِعُ إِلَّا بِالْكَلَامِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. الثَّامِنَةُ- أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ إِذَا قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: إِنِّي كُنْتُ رَاجَعْتُكَ فِي الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَتْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ لَا يَرَى يَمِينًا في النكاح ولا في الرجمة، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا كَقَوْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَاخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْجَارِيَةُ، وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انقضاء العدة
(١). التشرف: التطلع إلى الشيء والنظر إليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute