للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن. وقبل: إِنَّ لَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ تَرْكُ. مُضَارَّتِهِنَّ كَمَا كان ذلك عليهن لأزواجهن. قال الطَّبَرِيُّ: وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيكُمْ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَالْآيَةُ تَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ:" إِنِّي لَأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي". قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَمَّا زِينَةُ الرِّجَالِ فَعَلَى تَفَاوُتِ أَحْوَالِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَلَى اللَّبَقِ «١» وَالْوِفَاقِ، فَرُبَّمَا كَانَتِ زِينَةً تَلِيقُ فِي وَقْتٍ وَلَا تَلِيقُ فِي وَقْتٍ، وَزِينَةً تَلِيقُ بِالشَّبَابِ، وَزِينَةً تَلِيقُ بِالشُّيُوخِ وَلَا تَلِيقُ بِالشَّبَابِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ وَالْكَهْلَ إِذَا حَفَّ شَارِبَهُ لِيقَ بِهِ ذَلِكَ وَزَانَهُ، وَالشَّابَّ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَمُجَ وَمُقِتَ. لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَمْ تُوفِرْ بَعْدُ، فَإِذَا حَفَّ شَارِبَهُ فِي أَوَّلِ مَا خَرَجَ وَجْهُهُ سَمُجَ، وَإِذَا وَفَرَتْ لِحْيَتُهُ وَحُفَّ شَارِبُهُ زَانَهُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ،" أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُعْفِيَ لِحْيَتِي وَأُحْفِيَ شَارِبِي". وَكَذَلِكَ فِي شَأْنِ الْكُسْوَةِ، فَفِي هَذَا كُلِّهِ ابْتِغَاءُ الْحُقُوقِ، فَإِنَّمَا يُعْمَلُ عَلَى اللَّبَقِ «٢» وَالْوِفَاقِ لِيَكُونَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فِي زِينَةٍ تَسُرُّهَا وَيُعِفُّهَا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الرِّجَالِ. وَكَذَلِكَ الْكُحْلُ مِنَ الرِّجَالِ مِنْهُمْ مَنْ يَلِيقُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ. فَأَمَّا الطِّيبُ وَالسِّوَاكُ وَالْخِلَالُ «٣» وَالرَّمْيُ بِالدَّرَنِ وَفُضُولِ الشَّعْرِ وَالتَّطْهِيرُ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ فَهُوَ بَيِّنٌ مُوَافِقٌ لِلْجَمِيعِ. وَالْخِضَابُ لِلشُّيُوخِ وَالْخَاتَمُ لِلْجَمِيعِ مِنَ الشَّبَابِ وَالشُّيُوخِ زِينَةٌ، وَهُوَ حَلْيُ الرِّجَالِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ" النَّحْلِ «٤» ". ثُمَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَخَّى أَوْقَاتِ حَاجَتِهَا إِلَى الرَّجُلِ فَيُعِفُّهَا وَيُغْنِيهَا عَنِ التَّطَلُّعِ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ رَأَى الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِهِ عَجْزًا عَنْ إِقَامَةِ حَقِّهَا فِي مَضْجَعِهَا أَخَذَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي تَزِيدُ فِي بَاهِهِ «٥» وَتُقَوِّي شَهْوَتَهُ حَتَّى يُعِفَّهَا. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) أَيْ مَنْزِلَةٌ. وَمَدْرَجَةُ الطَّرِيقِ: قَارِعَتُهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الطَّيُّ، يُقَالُ: دَرَجُوا، أَيْ طَوَوْا عُمْرَهُمْ، وَمِنْهَا الدَّرَجَةُ الَّتِي يُرْتَقَى عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ بَيِّنُ الرَّجْلَةِ، أَيِ الْقُوَّةِ. وَهُوَ أَرْجَلُ الرجلين، أي أقواهما. وفرس رجيل،


(١). اللبق بالفتح: اللباقة والحذق.
(٢). في ح: اللائق.
(٣). يريد استعمال الخلال وهو من السنة، وهو إخراج ما بين الأسنان من فضول الطعام. [ ..... ]
(٤). راجع ج ١٠ ص ٨٧.
(٥). في ز: مائه.