الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: إِنِّي أَكْرَهُكَ وَلَا أُحِبُّكَ، وَنَحْوَ هَذَا (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ). رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنْ لَا أُطِيقُهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ سَلُولٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعِيبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا! فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ. فَيُقَالُ: إِنَّهَا كَانَتْ تُبْغِضُهُ أَشَدَّ الْبُغْضِ، وَكَانَ يُحِبُّهَا أَشَدَّ الْحُبِّ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الْخُلْعِ، فَكَانَ أَوَّلَ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ. رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَالَعَ فِي الْإِسْلَامِ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا يَجْتَمِعُ رَأْسِي وَرَأْسُهُ أَبَدًا، إِنِّي رَفَعْتُ جَانِبَ الْخِبَاءِ فَرَأَيْتُهُ أَقْبَلَ فِي عِدَّةٍ إِذْ هُوَ أَشَدُّهُمْ سَوَادًا وَأَقْصَرُهُمْ قَامَةً، وَأَقْبَحُهُمْ وَجْهًا! فَقَالَ:" أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنْ شَاءَ زِدْتُهُ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي الْخُلْعِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ. قَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ يُسِئْ إِلَيْهَا، وَلَمْ تُؤْتَ مِنْ قِبَلِهِ، وَأَحَبَّتْ فِرَاقَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا كُلَّ مَا افْتَدَتْ بِهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ بِأَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهَا وَيَضُرَّهَا رَدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ: سَأَلْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ عَنِ الرَّجُلِ تُرِيدُ امْرَأَتُهُ أَنْ تُخَالِعَهُ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا. قُلْتُ: فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ:" فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ"؟ قَالَ: نُسِخَتْ. قُلْتُ: فَأَيْنَ جُعِلَتْ؟ قَالَ: فِي سُورَةِ" النِّسَاءِ":" وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute