هَذَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عُمَرَ وَقَبِيصَةَ وَالنَّخَعِيِّ. وَاحْتَجَّ قَبِيصَةُ بِقَوْلِهِ:" فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ". وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ ذَلِكَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي تَحْتَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، فَارْتَفَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَيُطَلِّقُكِ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَأَزِيدُهُ. قَالَ:" رُدِّي عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَزِيدِيهِ". وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ" وَإِنْ شَاءَ زِدْتُهُ وَلَمْ يُنْكَرْ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَأْخُذُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا، كَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الْقُضَاةُ لَا يُجِيزُونَ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا مَا سَاقَ إِلَيْهَا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَتْ عنده زينب عبد الله بن أبى آبن سَلُولٍ، وَكَانَ أَصْدَقَهَا حَدِيقَةً فَكَرِهَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا وَلَكِنْ حَدِيقَتُهُ"، فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخَذَهَا لَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَا يَأْخَذُ مِنَ الْمُخْتَلِعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا". السَّابِعَةُ- الْخُلْعُ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَعَلَى جَمَلٍ شَارِدٍ أَوْ عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْغَرَرِ جَائِزٌ، بِخِلَافِ الْبُيُوعِ وَالنِّكَاحِ. وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنْ سَلِمَ كَانَ لَهُ، وإن لم يسلم فلا شي لَهُ، وَالطَّلَاقُ نَافِذٌ عَلَى حُكْمِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَحَكَاهُ ابْنُ خويز منداد عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لِأَنَّ عُقُودَ الْمُعَاوَضَاتِ إِذَا تَضَمَّنَتْ بَدَلًا فَاسِدًا وَفَاتَتْ رُجِعَ فِيهَا إِلَى الْوَاجِبِ فِي أَمْثَالِهَا مِنَ الْبَدَلِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الْخُلْعُ بَاطِلٌ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: الْخُلْعُ جَائِزٌ، وَلَهُ مَا فِي بَطْنِ الْأَمَةِ، وَإِنْ لم يكن فيه ولد فلا شي لَهُ. وَقَالَ فِي" الْمَبْسُوطِ" عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ بِمَا يُثْمِرُهُ نَخْلُهُ الْعَامَ، وَمَا تَلِدُ غَنَمُهُ الْعَامَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالْحُجَّةُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute