للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ. قُلْتُ: وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَيْضَةِ مَعَ غَرَابَتِهِ كَمَا ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ، وَإِرْسَالِهِ كَمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عن ابن عباس: أن امرأة ثابت ابن قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا. وَالرَّاوِي عَنْ مَعْمَرٍ هُنَا فِي الْحَيْضَةِ وَالنِّصْفِ هُوَ الرَّاوِي عَنْهُ فِي الْحَيْضَةِ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ الْيَمَانِيُّ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَحْدَهُ. فَالْحَدِيثُ مُضْطَرِبٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ، وَفِي أَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ حَيْضَةٌ، وَبَقِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" نَصًّا فِي كُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا إِلَّا مَا خُصَّ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ:" وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى هَذَا فَهُوَ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ". قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَابْنُ عُمَرَ: عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ، وَبِهِ قَالَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ عَلِيُّ ابن أَبِي طَالِبٍ: عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ، وَبِقَوْلِ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ أَقُولُ، وَلَا يَثْبُتُ حَدِيثُ عَلِيٍّ. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَصَدَ إِيقَاعَ الْخُلْعِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: هُوَ خُلْعٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. وَقِيلَ عَنْهُ: لَا يَكُونُ بَائِنًا إِلَّا بِوُجُودِ الْعِوَضِ، قَالَهُ أَشْهَبُ وَالشَّافِعِيُّ، لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عُرِيَ عَنْ عِوَضٍ وَاسْتِيفَاءِ عَدَدٍ فَكَانَ رَجْعِيًّا كَمَا لَوْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا أَصَحُّ قَوْلَيْهِ عِنْدِي وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّظَرِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ عَدَمَ حُصُولِ الْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ، أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا خَالَعَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ- الْمُخْتَلِعَةُ هِيَ الَّتِي تَخْتَلِعُ مِنْ كُلِّ الَّذِي لَهَا. وَالْمُفْتَدِيَةُ «١» أَنْ تَفْتَدِيَ بِبَعْضِهِ وَتَأْخُذَ بَعْضَهُ. وَالْمُبَارِئَةُ هِيَ الَّتِي بَارَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فتقول: قد أبرأتك


(١). في ز: وأما المفتدية فالتي.