للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَّ أَحْكَامَ الْأَزْوَاجِ فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ بَيْنَهُمَا. وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا قَالَتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ: قَدْ تَزَوَّجْتُ وَدَخَلَ عَلَيَّ زَوْجِي وَصَدَّقَهَا أَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْوَرَعُ أَلَّا يَفْعَلَ إِذَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا كَذَبَتْهُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي هَذَا الْبَابِ تَغْلِيظٌ شَدِيدٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أَوُتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: التَّحْلِيلُ سِفَاحٌ، وَلَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَلَوْ أَقَامَا عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ إِلَّا التَّغْلِيظَ، لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ وَضَعَ الْحَدَّ عَنِ الْوَاطِئِ فَرْجًا حَرَامًا قَدْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ، فَالتَّأْوِيلُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا رَجْمَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ طَلَّقَها) يُرِيدُ الزَّوْجَ الثَّانِي. (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي المرأة والزوج الأول، قال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَتْ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ غَيْرَهُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَكُونُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وأى بن كعب وعمران ابن حُصَيْنٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عمرو ابن الْعَاصِ، وَبِهِ قَالَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ نَصْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ جَدِيدٌ وَالطَّلَاقَ جَدِيدٌ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عباس،