للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ تُوَاعِدَ أَحَدًا يَنْكِحُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبِيتُ إِلَّا فِي بَيْتِهَا، فَأَثْبَتَ لِمُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا حُكْمَ الْعِدَّةِ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَوْ مُطَلَّقَةٍ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَهِيَ حَامِلٌ وَاجِبَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «١» ". وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، كَذَلِكَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَشُرَيْحٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالنَّخَعِيُّ وَجُلَاسُ بْنُ عَمْرٍو وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ كُلِّ مَنْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ حَيٌّ مِثْلُ أَوْلَادِهِ الْأَطْفَالِ وَزَوْجَتِهِ «٢» وَوَالِدَيْهِ تَسْقُطُ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَةُ الْحَامِلِ مِنْ أَزْوَاجِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فَتَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِعْسَارِ فَبِأَنْ تَسْقُطَ بِالْمَوْتِ أَوْلَى وَأَحْرَى. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ مِيقَاتًا لِعِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، هَلْ تَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى حَيْضَةٍ أَمْ لَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَبْرَأُ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُوطَأُ إِلَّا بِحَيْضَةٍ تَأْتِي بِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُسْتَرَابَةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، إِلَّا أَنْ تَسْتَرِيبَ نَفْسَهَا رِيبَةً بَيِّنَةً، لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْحَيْضِ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ أَوْ مِمَّنْ عَرَفَتْ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ عُرِفَ مِنْهَا أَنَّ حَيْضَتَهَا لَا تَأْتِيهَا إِلَّا في أكثر من هذه المدة.


(١). راجع ج ١٨ ص ١٦٦. [ ..... ]
(٢). في ب وهـ: زوجاته.