فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ حَتَّى يَبْلُغَ فَرْضُ الْكِتَابِ أَجَلَهُ، فَالْكِتَابُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا حَذْفَ فَهُوَ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَقْدَ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ" وَهَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَأْوِيلِهِ، أَنَّ بُلُوغَ أَجَلِهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ. وَأَبَاحَ التَّعْرِيضَ فِي الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ:" وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ" الْآيَةَ. وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَخْطُبُ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا، أَوْ يُوَاعَدُهَا وَيَعْقِدُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَاخْتَلَفُوا إِنْ عَزَمَ الْعُقْدَةَ فِي الْعِدَّةِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ فَفَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهِيَ: الرَّابِعَةُ- فَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمًا، وَأَنَّهُ يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ" ضَرْبُ أَجَلِ الْمَفْقُودِ". وَحَكَى ابْنُ الْجَلَّابِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَةَ أَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَأَبَّدُ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نِكَاحٌ فِي الْعِدَّةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَأَبَّدَ بِهِ التَّحْرِيمُ، أَصْلُهُ إِذَا بَنَى بِهَا. وَأَمَّا إِنْ عَقَدَ فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَهِيَ: الْخَامِسَةُ- فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: ذَلِكَ كَالدُّخُولِ فِي الْعِدَّةِ، يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَتَأَبَّدُ بِذَلِكَ تَحْرِيمٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ. وَقَالَ مَرَّةً: وَمَا التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ بِالْبَيِّنِ، وَالْقَوْلَانِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا إِنْ دَخَلَ فِي الْعِدَّةِ وَهِيَ: السَّادِسَةُ- فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا. قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: وَلَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، مَعَ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا التَّزْوِيجَ بِالْمَزْنِيِّ بِهَا. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. قَالَ سَعِيدٌ: وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَسَيَأْتِي. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتَأَبَّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute