للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لُغَاتٌ ثَلَاثٌ فِي النِّصْفِ، وَفِي الْحَدِيثِ:" لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" أَيْ نِصْفَهُ. وَالنَّصِيفُ أَيْضًا الْقِنَاعُ. الثَّالِثَةُ- إِذَا أَصْدَقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَنَمَا الصَّدَاقُ فِي يَدِهَا فَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ عَرَضٍ أَصْدَقَهَا أَوْ عَبْدٍ فَنَمَاؤُهُمَا لَهُمَا جَمِيعًا وَنُقْصَانُهُ بَيْنَهُمَا، وَتَوَاهُ «١» عَلَيْهِمَا جميعا ليس على المرأة منه شي. فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَاشْتَرَتْ به عبد اأو دَارًا أَوِ اشْتَرَتْ بِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ طِيبًا أَوْ شُوَارًا «٢» أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِجِهَازِهَا وَصَلَاحِ شَأْنِهَا فِي بَقَائِهَا مَعَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا إِيَّاهُ، وَنَمَاؤُهُ وَنُقْصَانُهُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا نِصْفُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْرَمَ لَهُ نِصْفَ مَا قَبَضَتْهُ مِنْهُ، وَإِنِ اشْتَرَتْ بِهِ أَوْ مِنْهُ شَيْئًا تَخْتَصُّ بِهِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَغْرَمَ لَهُ نِصْفَ صَدَاقِهَا الَّذِي قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَتْ مِنْ غَيْرِهِ عَبْدًا أَوْ دَارًا بِالْأَلْفِ الَّذِي أَصْدَقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأَلْفِ. الرَّابِعَةُ- لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَقَدْ سَمَّى لَهَا أَنَّ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى كَامِلًا وَالْمِيرَاثَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى فَارَقَهَا، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَمَالِكٌ: عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِيمَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا خَرَّجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَسَيَأْتِي فِي" النِّسَاءِ «٣» ". وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوجِبُ مَهْرًا كَامِلًا، وَلَا عِدَّةً إِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ، لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. قَالَ شُرَيْحٌ: لَمْ أَسْمَعِ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ بَابًا وَلَا سِتْرًا، إِذَا زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَسَيَأْتِي مَا لِعُلَمَائِنَا فِي هَذَا فِي سُورَةِ" النِّسَاءِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ". الْخَامِسَةُ- قوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) الْآيَةَ." إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ" اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ عَفْوَهُنَّ عَنِ النِّصْفِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَخْذِهِنَّ. وَ" يَعْفُونَ" مَعْنَاهُ يَتْرُكْنَ وَيَصْفَحْنَ، وَوَزْنُهُ يَفْعَلْنَ. وَالْمَعْنَى إِلَّا أَنْ يتركن النصف الذي


(١). تراه: هلاكه.
(٢). الشوار: متاع البيت.
(٣). راجع ج ٦ ص ١٠٢