للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّا تُخْرِجُهُ نَحْوَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ. وَاحْتَجُّوا بِقِصَّةِ خَيْبَرَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَهَا عَلَى شَطْرِ مَا تُخْرِجُهُ أَرْضُهُمْ وَثِمَارُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ مُضْطَرِبُ الْأَلْفَاظِ وَلَا يَصِحُّ، وَالْقَوْلُ بِقِصَّةِ خَيْبَرَ أَوْلَى وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ أَجَازَ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ سَفِينَتَهُ وَدَابَّتَهُ، كَمَا يُعْطِي أَرْضَهُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَرْزُقُهُ اللَّهُ فِي الْعِلَاجِ بِهَا. وَجَعَلُوا أَصْلَهُمْ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضَ «١» الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" الْمُزَّمِّلِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ «٢» " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، أَيْ كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. قَالَ: وَفِي ذَلِكَ نَسْخٌ لِسُنَّةِ خَيْبَرَ. قُلْتُ: وَمِمَّا يُصَحِّحُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي النَّسْخِ مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَعَنِ الثُّنْيَا «٣» إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ. صَحِيحٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ. قُلْتُ: وَمَا الْمُخَابَرَةُ؟ قَالَ: أَنْ تَأْخُذَ الْأَرْضَ بِنِصْفٍ أو ثلث أو أَوْ رُبُعٍ. الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ- فِي الْقِرَاءَاتِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ" مَا بَقِيَ" بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ، وَسَكَّنَهَا الْحَسَنُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:

هُوَ الْخَلِيفَةُ فَارْضَوْا مَا رَضِي لَكُمْ ... مَاضِي الْعَزِيمَةِ مَا فِي حُكْمِهِ جَنَفَ

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

كَمْ قَدْ ذَكَرْتُكِ لَوْ أُجْزَى بِذِكْرِكُمْ ... يَا أَشْبَهَ النَّاسِ كُلَّ النَّاسِ بِالْقَمَرِ

إِنِّي لَأَجْذَلُ أَنْ أُمْسِي مُقَابِلَهُ ... حُبًّا لِرُؤْيَةِ مَنْ أَشْبَهْتَ فِي الصور


(١). القراض (بكسر القاف) عند المالكية هو ما يسمى بالمضاربة عند الحنفية، وهو إعطاء المقارض (بكسر الراء وهو رب المال) المقارض (بفتح الراء وهو العامل) مالا ليتجر به على أن يكون له جزء معلوم من الربح.
(٢). راجع ج ١٩ ص ٥٤.
(٣). الثنيا: هي أن يستثنى في عقد البيع شي مجهول فيفسده. وقيل: هو أن يباع شي جزافا، فلا يجوز أن يستثنى منه شي قل أو كثر. وتكون" الثنايا" في المزارعة أن يستثنى بعد النصف أو الثلث كيل معلوم. (عن النهاية).