عَلَى خَبَرِ كَانَ وَاسْمُهَا مُضْمَرٌ فِيهَا." حاضِرَةً" نَعْتٌ لِتِجَارَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ تِجَارَةً، أَوْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُبَايَعَةُ تِجَارَةً، هَكَذَا قَدَّرَهُ مَكِّيٌّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظَائِرُهُ وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ. وَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مَشَقَّةَ الْكِتَابِ عَلَيْهِمْ نَصَّ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ وَرَفَعَ الْجُنَاحَ فِيهِ فِي كُلِّ مُبَايَعَةٍ بِنَقْدٍ، وَذَلِكَ فِي الْأَغْلَبِ إِنَّمَا هُوَ فِي قليل كالمطعوم ونحو لَا فِي كَثِيرٍ كَالْأَمْلَاكِ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: هَذَا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ. الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ) يَقْتَضِي التَّقَابُضَ وَالْبَيْنُونَةَ بِالْمَقْبُوضِ. وَلَمَّا كَانَتِ الرِّبَاعُ وَالْأَرْضُ وَكَثِيرٌ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَقْبَلُ الْبَيْنُونَةَ وَلَا يُغَابُ عليه، حسن الكتب فيما وَلَحِقَتْ فِي ذَلِكَ مُبَايَعَةَ الدَّيْنِ، فَكَانَ الْكِتَابُ تَوَثُّقًا لِمَا عَسَى أَنْ يَطْرَأَ مِنَ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَتَغَيُّرِ الْقُلُوبِ. فَأَمَّا إِذَا تَفَاصَلَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَتَقَابَضَا وَبَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا ابْتَاعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَيَقِلُّ فِي الْعَادَةِ خَوْفُ التَّنَازُعِ إِلَّا بِأَسْبَابٍ غَامِضَةٍ. وَنَبَّهَ الشَّرْعُ عَلَى هَذِهِ الْمَصَالِحِ فِي حَالَتَيِ النَّسِيئَةِ وَالنَّقْدِ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ، بِالْكِتَابِ وَالشَّهَادَةِ وَالرَّهْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْبُيُوعُ ثَلَاثَةٌ: بَيْعٌ بِكِتَابٍ وَشُهُودٍ، وَبَيْعٌ بِرِهَانٍ، وَبَيْعٌ بِأَمَانَةٍ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا بَاعَ بِنَقْدٍ أَشْهَدَ، وَإِذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ كَتَبَ. التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- قوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا) قال الطبري: معناه واشهدوا على صغيره ذَلِكَ وَكَبِيرِهِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ ذَلِكَ عَلَى الواجب أَوِ النَّدْبِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَالضَّحَّاكُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَجَابِرُ بْنُ زيد ومجاهد وداود بن على وابنه وأبو بكر: وهو على الواجب، وَمِنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ عَطَاءٌ قَالَ: أَشْهِدْ إِذَا بِعْتَ وَإِذَا اشْتَرَيْتَ بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِ درهم أو ثلث درهم أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ). وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: أشهدوا إِذَا بِعْتَ وَإِذَا اشْتَرَيْتَ وَلَوْ دَسْتَجَةَ «١» بَقَلٍ. وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَيُرَجِّحُهُ الطَّبَرِيُّ، وَقَالَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ، وَإِلَّا كَانَ مُخَالِفًا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَا إِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ وَيُشْهِدَ إِنْ
(١). الدستجة: الحزمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute